تعريف الصحافة : يمكن تعريف الصحافة على عدة مستويات أهمها : 1. أنها مهنة : يمارسها كل من يعمل في الصحف . 2. أنها وسيلة : شأن كل وسائل الاتصال الأخرى كالإذاعة والتليفزيون والسينما وفي السياق الأخير , فإن الصحافة تمتاز على غيرها من الوسائل بالقدرة على الاحتفاظ بالصحيفة , باعتبارها جسمًا ماديًّا ملموسًا , وبالتالي يمكن قراءتها في أي وقت , وإعادة قراءتها بعد ذلك مرة ومرات , بعكس الوسائل الأخرى المسموعة والمرئية . كذلك تمتاز الصحافة بارتفاع المصداقية , فالكلمة المطبوعة لها سحر خاص على القارئ , وفى الماضي كانوا يستدلون على صحة نبأ ما , بأنه نُشر في الصحف . ولكن يعيب الصحافة • أنها مكلفة , إذا قورنت بالتليفزيون مثلاً ؛ فتكلفة هذا الأخير لا تتعدى ثمن الجهاز , الذي يدفعه المشاهد مرة واحدة وينتهي الأمر , أما الصحيفة فلكي تقرأها فلا بد أن تدفع ثمن النسخة . • كذلك فالصحافة لا تستطيع اجتياز الحواجز: • الجغرافيا :إذ إن توزيع النسخ من دولة إلى أخرى عملية صعبة ومكلفة؛ لأنها تقتضى نقل الجسم المادي للصحيفة بوسائل نقل مختلفة كالقطار أو الطائرة أما الإذاعة مثلاً أو التليفزيون فإن إرسالهما يمكن أن يغطى كل دول العالم دون تكلفة حقيقية . • الأمية :فلكي تقرأ الصحف لا بد أن تجيد مهارة القراءة , بعكس الوسائل الأخرى . تعريف الصحيفة : طالما كانت الصحافة هي مهنة كل من يعمل في الصحف , فلا بد أن نعرِّف الصحيفة على النحو التالي : (الصحيفة هي كل مطبوع , يصدر بصفة دورية , تحت اسم ثابت , بصفة منتظمة أو غير منتظمة , ويتحدث في موضوعات متنوعة , ويحررها أشخاص عديدون) . شروط التعريف : • مطبوع : تمييزًا للصحيفة عن : - الصحـف المنســوخة ؛ التي كانت تصـدر قبـل اختـراع الطباعة. - الوسـائل السـمعية والبصـرية كالراديو والتليفزيون والسـينما . • دوري : أي أن يفصل فاصل زمني ثابت بين كل عدد وآخر , فتكون الصحيفة يومية أو أسبوعية أو شهرية ... الخ , تمييزًا للصحيفة عن الكتاب , الذي هو مطبوع أيضًا , ولكنه غير دوري . • يصدر تحت اسم ثابت : فالصحيفة طالما كانت دورية , فلا بد أن يكون لها نفس الاسم ولا يتغير من عدد إلى آخر , بحيث يتواصل القارئ مع الأعداد المتوالية من نفس الصحيفة . • بصفة منتظمة أو غير منتظمة : فالأصل في إصدار الصحيفة أن تصدر بصفة منتظمة , بمعنى ألا يتوقف أحد أعدادها عن الصدور , ولكن قد تمر بالصحف أزمات أو ظروف طارئة لم تكن في الحسبان ؛ كعطل في آلات الطباعة أو انقطاع التيار الكهربائي , أو حريق في مبنى الصحيفة , وهنا فالصحيفة قد تتوقف , أي لا تنتظم في الصدور, ولكن عدم الانتظام في هذه الحالة لا ينفى كون الصحيفة صحيفةً . العوامل المؤثرة في نشأة الصحافة في الدول المتقدمة : 1- ظهور بذرة الديمقراطية : كانت النظرية القديمة في الحكم تقول بأن الحاكم هو ظل الله على الأرض , وأن قراراته تأتى بوحي من السماء , وبالتالي لا يمكن معارضتها , وإلا كان المعارضون متهمين بالكفر والإلحاد ....... وفى القرون الوسطي بدأت تسود أفكار حديثة , تدعو إلى أن الحكومة نظام وضعي لا ديني , وما قامت إلا لصالح المحكومين , وكان أصحاب هذه الأفكار عددًا من الفلاسفة والمفكرين , من أمثال : مونتسكيو وفولتير وجان جاك روسو وجون لوك .........وغيرهم. وكان لابد أن تنتشر هذه الأفكار بين الناس , ومن هنا ظهرت الحاجة إلى إصدار الصحف المطبوعة , التي توزع على الجمهور بأعداد كبيرة , وفرتها الطباعة , وهذه هي بذرة الديمقراطية الحديثة , التي نشأت في أوروبا , وأنشأت معها الصحف. 2- تقدم التجارة : تحولت الدول الأوربية من النظام الإقطاعي إلى النظام الرأسمالي بعد أن انفجرت الثورة الصناعية والعلمية والتكنولوجية , وقد أدت هذه الثورة إلى تقديم منتجات تكنولوجية عديدة , تمثلت في السلع والخدمات التي كان الناس يحتاجونها ، ومن هنا تقدمت التجارة , فزادت حركة البيع والشراء ونشطت الأسواق. وقد أثر هذا العامل في نشأة الصحف من ناحيتين , أولاهما : بدُأ النظر إلى الصحف الناشئة على أنها سلع تباع وتشترى , فزادت حدة المنافسة بين الصحف لتحقيق مزيد من الأرباح , وثانيتهما : نشطت حركة الإعلانات وزاد نشرها بالصحف, حتى أن الصحف الأولى في دول كألمانيا كانت إعلانية بحتة , تكاد أن تخلو من المواد التحريرية , وقد أدت هذه الإعلانات إلى انتعاش ميزانيات الصحف , وزادت قدرتها على تطوير نفسها. 3- تقدم المواصلات : ففي نفس الفترة ظهر عدد من الاختراعات العلمية الحديثة , التي لم يكن الغرض الأساسي منها خدمة الصحف , ولكنها استخدمت فيما بعد لتطور الصحف المطبوعة , فالسكك الحديدية والبواخر سهلت للصحف أن تذهب إلى أي مكان , وكان التطور الأهم ظهور مرفق البريد , الذي ارتبط بالصحف من ناحيتين ، أولاهما : سهولة وصول المعلومات والأخبار من أي مكان بالعالم إلى مقر الصحيفة ، وثانيتهما : سهولة توزيع نسخ الصحيفة عن طريق نظام الاشتراكات , الذي لا يزال سائدًا حتى الآن. 4- تطور تكنولوجيا الطباعة : فالطباعة بالحروف المتفرقة المعدنية التي اخترعها جوتنبرج ، كانت عاجزة عن الوفاء باحتياجات الصحف , من حيث سرعة إنجاز العمليات الطباعية , وضخامة عدد النسخ الناتجة في وقت محدد , ولذلك جرت عدة محاولات لتطوير تكنولوجيا الطباعة مما ساعد على تطور الصحف. 5- انتشار التعليم : أثمرت الطباعة إنتاج الكتب بأعداد نسخ وفيرة , مما أتاح اتساع رقعة المتعلمين في كل الدول الأوروبية , مما انعكس بدوره على تطور الصحافة , التي زادت عددًا من ناحية , وتضاعف عدد نسخها من ناحية أخرى , فالكثرة المتعلمة التي أفرزها نظام التعليم الأروبى كانت تبحث عن القراءة بكل السبل , وكانت الصحف الجديدة هي ضالتهم المنشودة , إذ تباع بسعر زهيد وتصدر على فترات زمنية ثابتة , بعكس الكتب التي كانت لا تزال مرتفعة الثمن – نسبيا – وهى أيضًا لا تصدر بانتظام. 6- تقدم العلوم والفنون والآداب : فقد أمكن بفضل الطباعة أيضًا إنتاج كتب في مختلف التخصصات , ومن هنا وجد المفكرون والعلماء والأدباء الفرصة لنشر أفكارهم وأعمالهم , كما أمكن للفنانين طبع أعمالهم الفنية بجودة عالية نسبيًا , مما أدى إلى تقدم العلوم والفنون والآداب. وقد أفادت الصحافة من هذا التقدم , إذ وجدت الصحف المطبوعة مادة صحفية متنوعة لنشرها , فنشأت الأبواب المتخصصة في العلم والفن والأدب , وسرعان ما نشأت بعدها الصحف التي تخصصت في كل مجال من هذه المجالات , فصدرت مجلات علمية وفنية وأدبية. |