<blockquote class="postcontent restore ">
في الدراسات التي تجري حالياً في أوروبا عن الانحراف
والجريمة بين الشبان والشابات من المراهقين، وضح للمسئولين عن هذه
الدراسات أن هناك علاقة معنوية أكيدة بين التركيب البنائي للجسم والانحراف.

فلقد وجدت إحدى المؤسسات في إنجلترا أن70 في المائة من المراهقين المنحرفين
في مدينة لندن يعانون من نقص جسدي أو عيب تكويني كما وجدت حين قارنت 282
شاباً من المنحرفين في أحد المصحات بمثلهم من غير المنحرفين في إحدى
المدارس الثانوية وجدت أن نسبة التشوهات الجسدية والقوامية بين المنحرفين
تكاد تربو على الضعف عند غير المنحرفين.


أندية وبرامج:

ولقد أكد هؤلاء الباحثين جميعاً أن هناك ما يسمى بمركب النقص العضوي الذي
يشعر فيه المراهق بعدم المقدرة والضعف ومن ثم فإنه ينحرغ محاولاً تعويض
مركب النقص هذا.

ولقد كان أجدادنا يستشعرون مثل هذا الانحراف من هؤلاء المعوقين ولقد كانوا
يصرخون كلما رأوا انحراف أحدهم " حقاً كل ذي عاهة جبار " وكانوا يربطون
بذلك بين الانحراف الخلقي والتشوهات القوامية. فإذا كان هذا الذي يذهب إليه
الباحثون في أيامنا هذه صحيحاً، وإذا كان أجدادنا قد اكتشفوه من قبل منذ
مئات السنين فقد وضح طريق العلاج إذن.

وأصبح العلاج يتركز فيما يمكن أن نمنحه لهؤلاء المعوقين أو المنحرفين
جسدياً في سبيل القضاء على الانحرافات الخلقية. ولقد لاحظ الباحثون أن
هؤلاء المنحرفين أخلاقياً من المراهقين يمكن أن يتفقوا في بعض الألعاب
كالملاكمة والمصارعة والجودو.

ومن هنا فإن تدعيم الأندية الشبابية بمثل هذه الأنشطة، ورسم البرامج لمثل
هؤلاء الشباب يصبح أمراً حيوياً بالغ الأهمية في سبيل القضاء على
الانحرافات عند شبابنا من المراهقين.

مثل هذه البرامج لا بد أن يشترك فيها علماء النفس الرياضي، ويمكنها أن تحيل
المراهق الغير الذي يبدي بعض الميل إلى الانحراف إلى رياضي من الطراز
الأول يستهلك كل ميوله العدوانية في رياضته المفضلة. فيصبح المراهق الذي
كان يميل إلى الاعتداء على الغير ملاكماً ممتازاً وتصبح المراهقة التي كانت
تميل إلى الهجوم على الغير لاعبة من الطراز الأول في صف الهجوم في فريق
كرة اليد مثلاً.

ليس ذلك فقط وإنما لوحظ أن المنحرفين في مدينة شيكاغو الذين لم تتح لهم
فرصة الاستفادة من مثل هذه البرامج الرياضية يعودون إلى الجريمة في 70 في
المائة من الحالات وبصفة متكررة. بينما لا توجه تهمة العودة إلا إلى 30 في
المائة فقط من هؤلاء الذين أتيحت لهم مثل هذه البرامج الرياضية.


تعميمات هامة:

عقب دراسة للانحرافات الجنسية في إحدى مدارس ولاية سنسناتي في الولايات المتحدة الأمريكية خرج الباحث بالتعميمات التالية:

أولاً: إن التحسن المستمر في اللياقة البدنية وفي المهارات الرياضية في
مجتمع ما، يصاحبه في نفس الوقت تقليل في حالات الانحراف بين المراهقين في
هذا المجتمع وبخاصة بين هؤلاء الذين كان لديهم ميل مسبق للانحراف، فانتشار
الوعي الرياضي إذن معناه الإقلال من الانحرافات.

ثانياً: مع الاعتراف بأن الرياضة وحدها لا تقضي قضاءً مبرماً على الانحراف
بين الشباب لوجود عناصر أخرى تؤدي إلى هذه الانحرافات إلا أننا يجب أن
نعترف أنها وحدها تقلل من هذا الانحراف.

ثالثاً: إن وضع البرامج النفسية يُعدّ بمثابة ما يسمى (العلاج الجموعي)
الذي يأخذ في الاعتبار العناصر العائلية التي تؤدي إلى مثل هذا الانحراف
وكذلك الدوافع والمناهج العلمية المرتبطة بمثل هذه الانحرافات. وقد أجمع
الباحثون على ضرورة أن يكون هذا البرنامج مجانياً للشباب، وأن يشتمل على
أنشطة على مدار العام. وأن يكون مختلطاً للشبان والفتيات وأن تقوده قيادات
متميزة أخلاقياً حصلت على الدراسات والتمرينات الكافية ودرست علم الاجتماع
والنفس وعلوم التربية الرياضية وكل ما هو متصل بالشباب وانحرافاته، وأن
تُنشأ مشروعات يراعى فيها ما أمكن أن تجتذب إلى صفوفها أكبر عدد ممكن من
المنحرفين والمراهقين ينعمون بصداقة المهيمنين على مثل هذه المشروعات
وبرغبتهم في دراسة مشاكلهم وحلها وألا يدخل المراهق أي شك من وجهة هؤلاء
المشرفين على المشروع.

على المدرب أن يصادق هذا المراهق الذي يبدي ميلاً للانحراف وعليه أن يرسم
له البرامج التي تهدف في المقام الأول إلى رفع قدراته الصحية ولياقته
البدنية، وعليه كذلك أن يجعل برنامجه صالحاً لجميع المنحرفين بالفعل
والمعرضين للانحراف والمراهقين العاديين حتى لا يشعر أي منهم أنه من فئة
معزولة عن المجتمع وألا يشعر البعض الآخر أن البرنامج وضع لفئة من الأبطال
الرياضيين ليس إلا.

وعلى المدربين أن يتعاونوا مع مدرس العلوم والأطباء النفسيين في مجموعة
واحدة متفاهمة تضم الآباء أيضاً وبعض الأمهات لخلق مجموعة صالحة من هؤلاء
المراهقين لائقة بدنياً وقوية جسمياً، متفوقة عقلانياً، واعية بمشاكلها
وبالحلول المقترحة السليمة من الوجهة النفسية.
</blockquote>