تعليم ، دروس ، تمارين ، حلول ، كتب ، أكواد ، طبخ ، أخبار ، توظيف
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
style

شاطر
 

 مفهوم الجزاء في القانون الدولي العام

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
نجم الجزائر
المدير العام
المدير العام
نجم الجزائر

البلد : الجزائر
الجنس ذكر
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 12/01/1994
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 10301
السٌّمعَة السٌّمعَة : 569
الإنتساب الإنتساب : 15/08/2011

مفهوم الجزاء في القانون الدولي العام Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم الجزاء في القانون الدولي العام   مفهوم الجزاء في القانون الدولي العام Empty27/6/2012, 2:04 am

مفهوم الجزاء في القانون الدولي العام


مفهوم الجزاءات في القانون الدولي العام
يمكن تعريف القانون الدولي العام بأنه مجموعة القواعد القانونية
التي تنظم العلاقة بين أشخاص المجتمع الدولي([1]). فهو إذن نظام قانوني
يحكم المبادئ المنظمة والمنشئة للمجتمع الدولي ، والذي يتضمن حقوق الدول
وواجباتها وحقوق وواجبات غيرها من أشخاص القانون الدولي([2]) . وعلى الرغم
من انه لا شك في وجود القانون الدولي ، إلا أن بعض الكتاب حاولوا إنكار
الصفة القانونية للقانون الدولي ، وقد اسندوا ذلك إلى سببين رئيسين هما :
1- فقدان السلطة ، 2- فقدان الجزاء . ويرد بعض كتاب آخرون على الاعتراض
المستمد من فقدان هذين العنصرين في الجماعة الدولية ، وذلك باللجوء إلى
إثبات وجودهما مع الاختلاف في طريقة الإثبات لدى هؤلاء الكتاب وذلك من خلال
التأكيد على أن القانون الدولي موجود ونافذ ويعتمد بالدرجة الأساس على
إرادة الدول عن طريق التوافق والانسجام بين أفراد الجماعة الدولية([3]) .
ولعل
الرأي الراجح هو أن المجتمع الدولي لم يزل بعد على شيء من التفكك وسيطرة
قوى معينة تتحكم وفقاً لأهوائها ومصالحها في تطبيق قواعد القانون الدولي ،
ومن خلال ممارستها تلك التصرفات توحي بان سلطة إصدار الجزاءات مرهونة
بإرادتها . وسوف نقسم هذا الفصل إلى مبحثين ، نتناول في المبحث الأول
التعريف بالجزاءات الدولية وفكرتها في القانون الدولي العام ، ثم نعمد في
المبحث الثاني إلى دراسة أشكال الجزاءات الدولية في القانون الدولي والسلطة
المنوط بها توقيع الجزاء الدولي ، واخيرا نتناول أهداف الجزاءات الدولية .


المبحث الأول : التعريف بالجزاءات الدولية
إن مصطلح الجزاءات الدولية يحمل في مضمونه معنىً محدداً وهو جميع
الإجراءات والتدابير التي تلجأ إليها الدول فرادى أو بعمل جماعي ضد الدولة
التي انتهكت أحكام النظام القانوني الدولي ، بقصد إرغام هذه الدولة
المخالفة على تعديل سلوكها المنحرف واصلاح الضرر الذي نجم عن سلوكها هذا .
وبناءً على هذا فالجزاءات الدولية هي كل التدابير والإجراءات التي تكون
الدول بشكل فردي أو المنظمات الدولية التي تمثل المجتمع الدولي هي المختصة
أولا واخيراً في فرضها ضد الدولة التي انتهكت أحكام القانون الدولي .

ويعني مصطلح الجزاءات " Sanctions" في معناه الواسع أي إجراء أو
تدبير يتم اتخاذه لغرض تعزيز النظام الاجتماعي و يرمي إلى تنظيم السلوك
الإنساني ، فالغرض من الجزاء هو لجعل السلوك المنحرف متطابقاً مع الأهداف
والمعايير الاجتماعية ، وكذلك لمنع حدوث مثل هذا السلوك الذي لا يتوافق مع
هذه الأهداف والمعايير ، ومن ثم فأن الجزاء في معناه الواسع ينطوي على هدف
الحد من سلوك معين غير مرغوب فيه وإنهائه ، كما يرمي إلى عدم تشجيع حدوث
مثل هذا السلوك في المستقبل ، وكلمة (الجزاء) "Sanction" مأخوذة عن القانون
الروماني ، حيث كانت تعني العقوبة المفروضة على شخص يخرق القانون ، واستمر
استعمال هذا المصطلح في إطار هذا المعنى الضيق وبشكل مستمر ضمن إطار
القانون الداخلي (الوطني) ، أما في إطار العلاقات الدولية فقد استخدم هذا
المصطلح بشكل عرفي في معناه الواسع([4])?.
ولغرض إيراد المزيد
من التفصيل عن موضوع الجزاءات في القانون الدولي العام ، لا بد لنا من
التطرق إلى تعريف الجزاء وفكرته في القانون الدولي وهذا سنتناوله في المطلب
الأول من هذا المبحث ، ثم نتناول في المطلب الثاني تعريف الجزاءات الدولية
الاقتصادية .


المطلب الأول: التعريف بالجزاء وفكرته في القانون الدولي العام
تعتبر مسالة تعريف الجزاء وفكرته في القانون الدولي العام من اكثر
الأمور المثيرة للجدل بين أوساط الفقه ، وهي تعتبر أيضا بمثابة ميدان
للمواجهة الفكرية بين فقهاء القانون الدولي العام وبين أقرانهم من فقهاء
القانون الداخلي (الوطني) وفي مقدمتهم أولئك المختصين بالقانون الخاص .
ولأهمية هذه المسالة فسوف نتناول أولا تعريف الجزاء في القانون الدولي
العام ثم نبحث بعد ذلك في فكرة الجزاء في القانون الدولي العام .
أولاً- تعريف الجزاء في القانون الدولي العام .
لم يتفق الباحثون وفقهاء القانون حول وضع تعريف محدد للجزاء ، بل
عرف الجزاء تعريفات متعددة ، فقد عرفه (كلسن Kelsen ) بأنه " رد الفعل
المحدد للقانون ضد السلوك الإنساني الموصوف بأنه غير شرعي او مخالف للقانون
فهو اذن نتيجة ذلك السلوك الذي تباشره السلطة المسؤولة "([5]).
كما عرف (كافاريه) الجزاء بأنه إجراء اجتماعي يستهدف تامين تطبيق قاعدة قانونية وذلك بمعاقبة مخالف هذه القاعدة([6]).
و تم تعريف الجزاء أيضا بأنه وسيلة من وسائل القهر التي تباشرها
السلطة العامة في المجتمع([7]) ، أي انه إجراء ينطوي على إكراه يتخذ ضد من
يرتكب عملاً غير مشروع([8]).
في حين ذهب رأي آخر من الفقه إلى
أن اصطلاح الجزاء ينصرف إلى إجراء محدد يطبق من اجل تامين ضمان الطاعة
والامتثال للقانون([9]).
غير أن الجزاء في مفهومه الواسع هو
مجموعة الإجراءات والوسائل التي تستهدف إزالة آثار التصرف غير المشروع .
وهناك أيضا تعريف اكثر تحديداً هو أن الجزاء يشتمل على أي لون من ألوان
الضرر توقعه الفئة المسيطرة على الجماعة بعضو من أعضائها بسبب إخلاله بإحدى
قواعد القانون التي تلزمه بالانصياع لاحكامها، ويستوي في هذا المجال أن
ينصرف الضرر إلى الكيان الذاتي للمخاطب بالقاعدة أو إلى ذمته المالية أو
إلى ما قد يجريه من تصرفات قانونية([10]).
وإذا دققنا النظر في التعريفات الواردة أعلاه نجد أن جميعها تجمع فيما بينها عناصر مشتركة هي :
1. قاعدة قانونية .
2. إخلال بأحكام تلك القاعدة .
3. إجراء قسري يطبق على المخل بهذه الإحكام .
إذن
تعرف الجزاءات بشكل عام بأنها (وسيلة اجتماعية هدفها ضمان احترام وتطبيق
القانون عن طريق ردع الانتهاكات الموجهة ضده)([11])، فالجزاء يعتبر إذن
عملاً من الأعمال التي تواجه بها الجماعة مخالفة القاعدة القانونية التي
تفرضها من أحد المخاطبين بها ، لضمان عدم مخالفة تلك القاعدة القانونية ،
إن تطبيق القانون واتباع أحكامه لا يترك لرغبة الأفراد ، لان عدم احترام
القانون يعرض كيان الجماعة للانهيار، فطبيعة وظيفة القانون تقتضي أن تكون
أحكامه متبعة ومطاعة ، سواء كان ذلك باختيار المخاطبين به او نتيجة
لإجبارهم على ذلك .
إذن يتضح لنا من ما ذكر آنفاً من أن الجزاء يواجه
ظاهرة مخالفة القاعدة القانونية من ناحيتين ، الناحية الأولى اختيار الجزاء
المناسب ، والأخرى في كيفية تنفيذ هذا الجزاء .
وبالنسبة إلى الناحية
الأولى فإنها تتحدد من خلال تحديد الجزاء لكل فعل ينتهك القانون ، ومن ثم
تسهل المهمة أمام الجهة المختصة بإيقاع الجزاء المناسب ، فهو يضع أمام
المخاطبين (القاعدة القانونية) وأمام السلطة المنوط بها إيقاع (الجزاء) ،
أما فيما يخص كيفية تنفيذ الجزاء فانه يضم في إطاره القواعد المتعلقة
بتنفيذ الجزاء والتدابير بمختلف أنواعها على النحو الذي تتحقق به أهداف
السياسة الجزائية في منع خرق أحكام القانون.
ومصطلح الجزاء له مدلول عام
يتضمن كل صور رد الفعل التي تترتب على مخالفة أية قاعدة من قواعد السلوك
ولو لم تكن قاعدة قانونية ، فكل قواعد الأخلاق أو قواعد المجاملة يمكن
القول إنها لا تقترن بجزاء مادي على مخالفتها ، ولكن الجزاء في القواعد
القانونية يختلف اختلافاً جوهرياً عن جزاء القواعد الأخرى ، فالجزاء في
القانون ينطوي على الإجبار والقسر ، أما بالنسبة إلى جزاء القواعد الأخرى
فهو جزاء أدبي لا يتضمن أي فعل من أفعال القسر والإجبار([12]) .

فجزاءات القانون الدولي على سبيل المثال تتمثل في إجراءات يتم تنفيذها
بالقوة، وهي بهذا تقتضي تدخل الجماعة الدولية أو الهيئات الدولية لغرض
إزالة آثار المخالفة بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، ومن الملاحظ أن بعض صور
الجزاء في القواعد القانونية لا يقصد بها إزالة اثر المخالفة وإجبار من
وقعت منه على تعديل موقفهم المخالف للقانون ، إنما يقصد بالجزاء مجرد
الاقتصاص من المخالف وذلك بهدف تحقيق الردع الكافي لغيره إذا ما حاول إتيان
نفس المخالفة([13]) ، لذا نلاحظ أن المنظمات الدولية قد شرعت منذ بداية
القرن العشرين بتنظيم سلوك الدول وعمدت إلى إقامة علاقات سليمة فيما بينها ،
وهو ما دفع هذه المنظمات إلى تبني إيقاع الجزاءات الدولية على الدول
المخالفة لأحكام هذه المنظمات وذلك بهدف حث الدول على الوفاء بالتزاماتها
وصولاً إلى الاستقرار في العلاقات الدولية .
أما بالنسبة إلى تضمين القواعد القانونية عنصر الجزاء فهذا يتوقف على أمرين:-
الأول : ظروف الجماعة التي يطبق فيها .
الثاني : درجة حضارتهم المادية والمعنوية .
ومن خلال هذين الأمرين يمكن التعرف على مدى التطور الحاصل في مفهوم
الجزاء ومدى مشروعيته ، و يمكن تحديدها حسب المعايير آلاتية :
1. يجب أن يرد الجزاء في نص قانوني معلن ومعروف .
2. يجب أن يصدر الجزاء من سلطة لها اختصاص فرضه وتتمتع بالقوة اللازمة لإخضاع المخالف .
3. الالتزام بالنص القانوني عند فرض الجزاء .
4. سريان الجزاءات على جميع المخالفين .
ومهما
اختلفت طبيعة المخالفين للقانون سواء أكانت دولاً أم أفراداً ، فان هذه
المعايير المذكورة تكاد تكون واحدة على الصعيد القانوني و بدورها تعكس
عدالة القانون الداخلي (الوطني) والقانون الدولي([14]) .
إذن كفاية
الجزاء تختلف حسب درجة التنظيم القانوني للجماعة ، ففي الجماعة الوطنية ،
يقرر الجزاء من قبل سلطة تشريعية عليا ، ويعهد بتطبيقه إلى سلطات محددة
يعينها قانون تلك الجماعة ، أما بالنسبة إلى الجماعة الدولية فلم تكن هناك
سلطة عليا قبل عصبة الأمم "League of Nations" تقرر الجزاءات ، ولا سلطة
دولية تتولى تنفيذها ، وتتحقق أولاً في حصول مخالفة للقانون الدولي ومن ثم
تقرر تطبيق الجزاء على الدولة التي ارتكبت المخالفة ولذلك فان الجزاء في
القانون الدولي يتميز بأنه اقل فعالية من الجزاء في القانون الداخلي
(الوطني) ، وفي كلا القانونين كان الأخذ بنظر الاعتبار كرامة الإنسان
وحرياته ، وللتقدم الفكري الحاصل في مختلف مجالات الحياة اثر مهم في تطور
مفهوم الجزاءات التي تقترن بها قواعد القانون في المجتمعات الحديثة بصورة
اكثر تنظيماً مما كانت عليه في الماضي ، وفضلاً عن ذلك التغير الحاصل في
وسائل الإجبار المتعلقة بتنفيذ أحكام القانون أو إيقاع الجزاء ، كما تم
إنشاء سلطات متخصصة لمتابعة مخالفي القانون وكذلك إصدار الجزاء المناسب
بحقهم([15]) .
ثانياً - فكرة الجزاء في القانون الدولي العام :
لقد أثارت فكرة الجزاء في القانون الدولي منذ ظهورها خلافاَ فقهياً
كبيراً ، فقد شكك اتجاه في الفقه وجود الجزاء في القانون الدولي ، وقد كان
لهذا الاتجاه تبريره ، في حين أكد اتجاه آخر وجود هذا الجزاء ولكن بشكل
وبطبيعة تختلف عن نظيره في القوانين الداخلية .
وترجع أهمية هذا
الخلاف إلى أن وجود الجزاء أو تخلفه هو محور التشكيك في النظام القانوني
الدولي ، وهو الدافع وراء الباحثين للوصول إلى أساس القانون الدولي وتحديد
طبيعته([16]).
ونوجز فيما يأتي هذا الخلاف الفقهي :
الاتجاه الأول :
شكك اتجاه في الفقه في إضفاء الصفة القانونية على قواعد القانون الدولي
وذلك تأسيساً على مقارنته بقواعد القانون الداخلي التي تتضمن إيقاع الجزاء
على المخالف له ، ولذلك ووفقاً لما ذهب إليه هذا الاتجاه فأنه يعد مقياساً
للشكل الكامل المثالي للقانون ، وتنحصر دائرة الشك في قانونية القواعد
القانونية الدولية في مدى الالتزام بها من قبل الدول وقدرة المجتمع على ضبط
سلوك أفراده ومعاقبة المخل بنظامه .
وترجع جذور هذا الاتجاه
إلى القرن التاسع عشر حيث غلب عليه التمسك بالخصائص التقليدية للقانون ،
فقد عرف بأنه يطلب صالحاً معيناً ويفرض جزاءات لألزام الأفراد بهذا الصالح ،
ومن أهم متزعمي هذا الاتجاه المشرع الإنكليزي (اوستن Austen) ، الذي وصف
القانون الدولي بأنه ليس اكثر من نظام أخلاقي إيجابي([17]).

وبذلك فان غياب الجزاءات المنظمة قد أوجد الريبة لدى الباحثين في قانونية
القواعد الدولية والاعتقاد بأنهم أمام نظام قانوني بدائي([18]).

إذن ينكر هذا الاتجاه على القانون الدولي توافر القاعدة الملزمة ، ومن ثم
أنكر عليه وصف القانون ، فالجزاء هو الذي يمنح القاعدة القانونية فعاليتها ،
وقياساً على النظام القانوني الداخلي ، فان المجتمع الدولي يفتقر إلى وجود
آلية لتوقيع الجزاءات على المخالف .
كما يرى أنصار هذا الاتجاه
أن التدابير التي تتخذها الدول بنفسها رداً على الاعتداء الواقع عليها في
حالة دفاعها عن نفسها(Self – defense) ، هي ضرب من ضروب الانتقام
(Reprisals ) أو الرد بالمثل لكنها لا ترقى إلى مستوى الجزاءات التي يجب أن
توقع بواسطة سلطة عليا حاكمة تتمتع بالحياد ، كما ان الجزاءات التي
يتضمنها ميثاق الأمم المتحدة لا يمكن مقارنتها بالجزاءات التي تفرضها
القوانين الداخلية، ذلك أن نظام التصويت في جهازها التنفيذي مجلس الأمنUN
Security Counsel قد افرغ التدابير التي يقررها في مضمون الجزاء ، بحيث
تحولت إلى أداة سياسية في يد القوى العظمى تستخدمها ضغوطاً للتأثير في
سياسات الدول الأخرى تحقيقاً لمصالحها.
وقد أيد كثير من الفقهاء
هذا الاتجاه ذاهبين إلى أن أساس اتصاف قواعد القانون بالوضعية والإلزام
إنما يكمن في اقترانها بالجزاء الذي يوقع رداً على مخالفتها ، فإذا لم
يتوافر لها هذا الجزاء تجردت في أساس الالتزام بها([19]).
ويتفق
(كلسن Kelsen) مع هذا الاتجاه في أن القاعدة القانونية يجب أن تقترن بجزاء
يفرض لغرض الالتزام بها ، ولكنه يختلف عن الآخرين فيما ذهب إليه من أن
الجماعة الدولية لا تملك عناصر مكتملة للجزاء ، وفي محاولة لإنقاذ القانون
الدولي قام بطبع تدابير الحرب والإجراءات الانتقامية بطابع الجزاءات
الدولية([20]).
ومن أهم الفقهاء الغربيين الذين أيدوا كلسن
(هيجل و هوبز) ، ومن الكتاب المصريين الدكتور محمود سامي جنينة والدكتور
محمد سامي عبد الحميد الذي دعم رأي كلسن بما قرره بأنه لا يحول دون توافر
عنصر الجزاء قيام الجماعة نفسها بممارسة مهمة توقيعه مباشرةً ، وذلك بغير
الالتجاء في هذا إلى الأجهزة الوسيطة المتخصصة ، إذ من المتصور أن يشترك
جميع الأعضاء في الجماعة الدولية في توقيع الجزاء على الدولة المخلة
بالتزاماتها([21]).
ومن الملاحظ أن هذا الرأي قد ركن على ما هو
كائن فعلاً وليس على ما ينبغي أن يكون ، مستنداً إلى ما ذهب إليه
(ميكافللي) في كتابه (الأمير) الفصل الخامس عشر عندما قال: " ان كيفية
عيشنا تختلف كثيراً عن كيف يجب أن نعيش بحيث أن من يدرس ماذا يجب فعله
بدلاً من دراسة ما يجري فعلاً ، يتعلم الطريق إلى سقوطه بدلاً من الطريق
إلى بقائه " ([22]).
الاتجاه الثاني :
يرى أنصار هذا الاتجاه أن دور الجزاء في القانون لا يتعدى كونه
دوراً تنفيذياً، يتمثل بما يمكن أن تتخذه السلطة التنفيذية من إجراءات
القسر لحمل الأفراد على الالتزام بالقانون ، واتباع ما يقضي به من أحكام ،
فالجزاء المنظم وان كان يساعد على نفاذ القاعدة القانونية وتطبيقها ولكنه
ليس شرطاً لوجودها([23]).
والى ابعد من ذلك ذهب جانب من الفقه
إلى انه ليس كل التزام قانوني قائماً على التهديد بفرض جزاء ، إذ يمكن
الخضوع لقاعدة قانونية ملزمة دون خوف من جزاءات تمارس ضد المخالف ،
فالإحساس بالالتزام لا يرتبط بوجود جزاء([24]).
كما يرى
الأستاذ الغنيمي أن الولاء للقانون لا يلزم حتماً الأمر أو التهديد بالجزاء
، بل يعتمد فقط على قبول قاعدة القانون بوصفها قاعدةً ملزمة([25]).

إن أسباب امتثال الدولة لأحكام القانون الدولي هي ذات الأسباب في
المجتمع الداخلي ، فالدول تؤدي واجباتها لأنها تعلم أن هذا النظام الدولي
لن يعمل بغير هذه الطريقة ، كما أن من شان التزامها المحافظة على عضويتها
في التجمعات الدولية ، للفوز بالمزايا التي تمنحها لها تلك التجمعات ،
فضلاً عن أهداف أخرى تسعى إليها الدول مثل الحصول على احترام مماثل من
الدول الأخرى ، وكذلك احترام الرأي العام العالمي دولاً وشعوباً .

وفي حقيقة الأمر إن مدى استفادة الدولة من الامتثال لأحكام القانون على
المدى البعيد تفوق المزايا التي تحصل عليها في المدى القصير إذا لم تتمثل
بالمدى القصير لأحكام القانون([26]).
بعد أن تبين لنا تعريف
الجزاء وفكرته في القانون الدولي العام ودوره في تقوية عنصر الالتزام
بالقواعد الدولية ، سوف نتناول في المطلب التالي تعريف الجزاءات الدولية
الاقتصادية .


المطلب الثاني : تعريف الجزاءات الدولية الاقتصادية
تعتبر الجزاءات الدولية الاقتصادية أهم واحدث أشكال الجزاء في
إطار العلاقات الدولية ، وقد حظيت هذه الجزاءات باهتمام الدول والمنظمات
الدولية منذ وقت طويل ، كما حرص الكثير من فقهاء القانون الدولي على وضع
ضوابط لها حتى لا يقع الخلط بينها وبين أشكال أخرى لاستخدام القسر في
العلاقات الدولية .
لذا فان القيام بتعريف الجزاءات الاقتصادية
شئ مهم وحرج ، وان موطن الحرج فيه يأتي من أن أي توسع في هذا المجال سوف
يؤدي إلى الفوضى في استخدام الضغوط الاقتصادية ، وإضفاء المشروعية على جميع
أشكالها ، وغياب الضوابط التي تحكم العمل بها .
وقد وضع جانب
من الفقه تعريفاً موسعاً للجزاءات الاقتصادية حيث عرفت بأنها: " أي تصرف
سياسي يحمل أذى أو إكراه تقوم به الدولة في سياستها الاقتصادية الخارجية "
([27]) . والملاحظ على هذا التعريف انه يخلو من الضوابط التي يمكن ان تحكم
هذه الإجراءات ، مما يؤدي إلى إطلاق يد الدول في ممارسة الضغوط المختلفة
لتنفيذ فرض سياساتها متذرعة في ذلك بتوقيع الجزاءات الاقتصادية على الدول
المخلة بالتزاماتها الدولية .
وتعريف آخر للجزاء الاقتصادي يتسم
ببعض الدقة هو : " إن الجزاء الاقتصادي إجراء يهدف إلى التأثير على إرادة
دولة في ممارسة حقوقها لحملها على احترام التزاماتها الدولية ، بحيث تصبح
قراراتها مطابقة لما يفرضه عليها القانون الدولي " ([28])، ونرى أن هذا
التعريف قد أضاف تحديداً لفكرة الجزاءات الاقتصادية ، حيث حدد الهدف من
وراء الجزاء وهو التأثير في الدولة لحثها على احترام قواعد القانون الدولي.
وقد عرف جانب من الفقه الجزاءات الدولية الاقتصادية في مجال إيقاع
هذه الجزاءات ؛ بأنها " الإجراءات ذات الطابع الاقتصادي التي تطبقها الدول
على دولة معتدية أما لمنعها من ارتكاب عمل عدواني أو بقصد إيقاف عمل
عدواني كانت تلك الدولة قد بدأته ، وهذا ما أكدته لجنة الجزاءات الدولية
التابعة لعصبة الأمم والتي تشكلت عام 1931 ، حيث أن هدف الجزاءات الدولية
الاقتصادية هو الإضرار بمصالح الدولة التجارية والصناعية في سبيل تغيير
سياسة الدولة العدوانية ، ومن الملاحظ أن تعريف لجنة الجزاءات الدولية
للجزاءات يتطابق مع التعريف الذي سبق ذكره للجزاءات الدولية وخصوصاً في
ناحية التركيز على منع الدول من انتهاج سياسات عدائية ضد الدول الأخرى "
([29]).
وقد أضاف (كلسن) إلى هذا التعريف ... ان الجزاءات
الدولية الاقتصادية لا تستهدف حفظ وحماية القانون ، بل تستهدف حفظ وحماية
السلام والذي بدوره لا يتفق بالضرورة مع القانون([30]).
يتضح لنا مما سبق انه يمكن وضع ملامح رئيسة لتعريف الجزاءات الدولية الاقتصادية هي :
أولاً- الجزاءات
الدولية الاقتصادية هي إجراء دولي اقتصادي ، أي انه تصرف دولي تقوم به
منظمات دولية أو دول في مجال العلاقات الدولية الاقتصادية وتستهدف مصالح
الدولة التجارية والصناعية .
ثانياً- هي إجراء قسري ، بمعنى انه يطبق على الدولة الهدف بشكل إجباري ، فهو إذن يؤثر سلبا في المصالح الاقتصادية الأساسية لهذه الدولة .
ثالثاً- يطبق
الإجراء العقابي لمواجهة الإخلال بالالتزامات القانونية الدولية ، أي أن
يكون نتيجة لوقوع عدوان أو تهديد بالعدوان على العلاقات الدولية سواء
السياسية أو الاقتصادية .
رابعاً- يستهدف هذا
الإجراء إصلاح سلوك الدولة العدواني وحماية مصالح الدول الأخرى والحفاظ على
السلم والأمن الدوليين ، وبهذا يمكن هنا أن نميز الجزاءات الدولية
الاقتصادية من الضغوط الاقتصادية المختلفة التي تستهدف الدولة بها تحقيق
مصالحها والتأثير في سياسات الدول المغايرة لها .
وبصرف النظر عن الهدف
المعلن من وراء توقيع الجزاء الاقتصادي فان الهدف المشترك في كل حالاته هو
العقاب والتأديب للدولة شعباً وحكومةً ، وما تتضمن هذه الجزاءات من حرمان
الدولة من ممارسة حقوقها السياسية والعمل على إضعافها اقتصادياً وينجم عنه
اهتزاز نظامها الاقتصادي لفترة قد تطول أو تقصر .


المبحث الثاني : أشكال الجزاءات الدولية الاقتصادية وأهدافها في القانون الدولي والسلطة التي تقوم بفرضها .
قبل البدء بالبحث في أشكال الجزاءات الدولية الاقتصادية لا بد لنا
في هذا الموضع من هذه الدراسة أن نتناول بإيجاز أنواع الجزاءات في القانون
الدولي العام .
يتضمن القانون الدولي مجموعة من القواعد التي
تنظم العلاقات بين أشخاصه وتحدد حقوقهم وواجباتهم ، والوسائل التي تضمن
تطبيق تلك القواعد في هذا القانون هي الجزاءات ، ويمكن تقسيم الجزاءات في
القانون الدولي إلى قسمين([31]):
1- جزاءات خالية من الإكراه .
2- جزاءات متضمنة للإكراه .
أولاً- الجزاءات الخالية من الإكراه :
ويضم هذه القسم من الجزاءات الأشكال الآتية :
أ- الجزاءات المالية Financial Sanctions :
وتترتب هذه الجزاءات بناء على المسؤولية الأولية للدولة المخالفة ،
وتتقرر إما بالطرق الدبلوماسية أو عن طريق التحكيم أو القضاء
الدولي([32]). وتعد التعويضات أحد الجزاءات المالية المترتبة نتيجة فعل
سابق ، كما قد تأخذ شكلاً آخر غير التعويضات ألا وهو حجز وتجميد الأرصدة
المالية للدولة المخالفة (المعاقبة) ، ومثال ذلك عندما قامت الولايات
المتحدة الأمريكية بحجز الأرصدة الإيرانية بعد أزمة الرهائن عام 1980 ،
ومثال آخر عندما قامت الأمم المتحدة بتجميد أرصدة هاييتي في البنوك الدولية
وذلك بموجب القرار المرقم 861 الصادر عن مجلس الأمن .
ب- الجزاءات القانونية Legal Sanctions :
يعمل هذا النوع من الجزاءات الدولية على وقف التصرفات القانونية
ذات الطبيعة الدولية ، وهذا الجزاء خاص بالالتزامات القانونية المترتبة على
الدولة نتيجة دخولها طرفاً في اتفاقية أو معاهدة معينة ، ومن أمثلة هذا
الجزاء إبطال معاهدة لوجود عيب في عقدها أو لتعارضها مع أحكام القانون
الدولي ، أو حرمان الدولة المخلة بأحكام المعاهدة من التمتع بالمزايا
الممنوحة لها بموجب هذه المعاهدة .
جـ- الجزاءات التأديبية Disciplinary Sanctions :
تفرض هذه الجزاءات من قبل المؤتمرات أو المنظمات الدولية ضد
الدولة التي لا تقوم بواجباتها ، وخير مثال على هذا النوع من الجزاءات ما
نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة (16) من عهد عصبة الأمم ، حيث نصت على
طرد العضو الذي لا يفي بالالتزامات المفروضة عليه بموجب عهد العصبة ، ومثال
آخر على هذا النوع من الجزاءات ما ورد في نص المادة (5) من ميثاق الأمم
المتحدة من وقف العضو في المنظمة الدولية – الذي فرض عليه مجلس الأمن
تدابير قمعية – عن مباشرته لحقوق العضوية فيها ومزاياها حيث نصت هذه المادة
على انه : ( يجوز للجمعية العامة أن توقف أي عضو اتخذ مجلس الأمن قبله
عملاً من أعمال المنع أو القمع ، عن مباشرة حقوق العضوية ومزاياها …) ،
وكذلك ما ورد في نص المادة (19) من الميثاق أيضاً من معاقبة الدولة التي لا
تفي بالتزاماتها تجاه الأمم المتحدة وحرمانها من ممارسة حق التصويت فيها ،
والتي تنص على أن : ( لا يكون لعضو الأمم المتحدة الذي يتأخر عن تسديد
اشتراكاته المالية في الهيئة حق التصويت في الجمعية العامة…) .
د- الجزاءات المعنوية Moral Sanctions :
وتأخذ هذه الجزاءات شكل اللوم الموجه إلى الدولة المخالفة وذلك من
قبل المؤتمرات او المنظمات الدولية([33]) . والأمثلة على هذا النوع من
الجزاءات كثيرة ، فاللوم الذي توجهه الجمعية العامة للدول الأعضاء في
المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان ، واستنكار الرأي العام العالمي هو أحد
أنواع هذه الجزاءات التي تنطوي على نوع من التأثير النسبي ضد سلوك الدولة
المخالفة .
هـ- قطع العلاقات الدبلوماسية Diplomatic Severance :
ويقيم هذا النوع من الجزاءات تخفيض درجة التمثيل الدبلوماسي ،
ويقصد بهذا الجزاء الاحتجاج على عمل ارتكبته إحدى الدول أو رعاياها أو
بتحريض منها ، مما أدى إلى إلحاق الضرر بمصالح الدولة التي ارتكب ضدها ذلك
الفعل ، وفي الأعم الأغلب لا تلجأ الدول إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية إلا
إذا كان العمل المرتكب جسيماً ، وقد يؤدي هذا النوع من الجزاء إلى قطع أو
إيقاف الصلات بين الطرفين ، ومن الأمثلة على هذا الجزاء قيام العراق بقطع
علاقاته الدبلوماسية مع دول العدوان الثلاثيني عام 1991 .
ثانياً- الجزاءات المتضمنة للإكراه :
ويضم هذا القسم من الجزاءات الأشكال الآتية :
أ- الجزاءات الجنائية Criminal Sanctions :
يثير هذا النوع من الجزاءات عدة تحفظات لدى فقهاء القانون الدولي ،
فهذا النوع من الجزاءات تكون نادرة وغالباً ما تصدر ضد أفراد وليس ضد
دول([34]).
وخير مثال على هذا النوع من الجزاءات ، ما قام به
الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية من تشكيل محكمة جنائية لمحاكمة مجرمي
الحرب الألمان واليابانيين وبناء على تلك المحكمة حاول فقهاء القانون
الدولي اتخاذ هذه المحاكمات أساساً لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة ، وبعد
أن تم تشكيل عدد من المحاكم الجنائية عن طريق منظمة الأمم المتحدة لمحاكمة
الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني في
يوغوسلافيا السابقة ورواندا([35])، فلقد نجحت الجهود الدولية في إنشاء
محكمة جنائية دائمة عام 1998 ، والشيء الذي ينبغي تأكيده في هذا المجال هو
أن حاجة المجتمع الدولي تستلزم وجود مثل هذه المحاكم ولكن مقابل ذلك ينبغي
أن تراعى فيها العدالة والنزاهة وان تكون أحكامها بعيدة عن كل الاعتبارات
السياسية والانتماءات الدينية والطائفية .
ب- الاقتصاص :
وهو عبارة عن عمل يتضمن مخالفة لقواعد القانون الدولي ترد به
الدولة على مخالفة مماثلة حدثت من دولة أخرى بقصد وقف تلك المخالفة أو
التعويض عنها ، والاقتصاص كان مشروعاً في ظل القانون الدولي التقليدي وعهد
عصبة الأمم ، أما في ظل ميثاق الأمم المتحدة اصبح الاقتصاص محرماً قانوناً
بموجب المادة (2) الفقرتان (3 و4) من ميثاق الأمم المتحدة، وقد أكد مجلس
الأمن هذا الوضع القانوني للاقتصاص في العديد من قراراته منها القرار الذي
أصدره بالإجماع عام 1968 وأدان فيه إسرائيل لهجومها على مطار بيروت ولكن
غالباً ما تعلن الدولة أن العمل الذي قامت به هو بمثابة ضربة إستباقية
(هجوم وقائي) على الدولة الأخرى وذلك لتبرير موقفها أمام القانون الدولي
والرأي العام العالمي ، فالولايات المتحدة قد بررت العمل العسكري الذي قامت
به ضد السودان وأفغانستان عام 1998 وذلك لتهديدهما الأمن القومي الأمريكي .
جـ- الضمان :
يقصد به تعهد الدولة بمقتضى معاهدة تنفيذ التزام دولي وضمان
المحافظة على هذا الالتزام ، ومن أمثلة ذلك معاهدات الدفاع المشترك بين
الدول التي تعقدها فيما بينها بوصفها نوعاً من الأحلاف لمواجهة خطر معين ،
ومن الأمثلة على ذلك أيضا ، ما أعلنته كل من الولايات الأمريكية وبريطانيا
أكثر من مرة عن تضمنها حماية الكويت والمحافظة على بقائها.
د- الجزاءات الاقتصادية Economic Sanctions :
كما أسلفنا في موضع سابق من هذه الدراسة عند تعريف الجزاءات
الدولية الاقتصادية أنها تعد لدى فقهاء القانون الدولي بمثابة إجراء تلجأ
إليه سلطات الدولة او هيئاتها وأفرادها لوقف العلاقات التجارية مع دولة
أخرى ومنع التعامل مع رعاياها بقصد الضغط الاقتصادي عليها بوصفه رد فعل
لارتكابها أعمالا عدائية ضدها([36]).
وتختلف الجزاءات
الاقتصادية عند تطبيقها باختلاف الظرف السائد وباختلاف الظروف التي تفرض
فيها ، فقد تكون هذه الجزاءات فردية أي عبارة عن إجراءات
تتخذها الدولة
ضد طرف آخر لمقاطعتها اقتصادياً مثل الجزاءات التي فرضتها الولايات المتحدة
ضد كوبا عام 1962. وللجزاءات الاقتصادية عدة أشكال وهذا ما سنأتي إلى بحثه
في المطلب التالي .
بعد أن بينا أنواع الجزاءات الدولية في
القانون الدولي العام ، سوف نبين في المطلب الآتي ، أشكال الجزاءات الدولية
الاقتصادية ، ثم نتناول في المطلب الثاني السلطة المنوط بها فرض هذه
الجزاءات ، وأخيراً في المطلب الثالث نعرض بإيجاز أهداف الجزاءات الدولية .



.../... يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sitealgerie.yoo7.com/
نجم الجزائر
المدير العام
المدير العام
نجم الجزائر

البلد : الجزائر
الجنس ذكر
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 12/01/1994
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 10301
السٌّمعَة السٌّمعَة : 569
الإنتساب الإنتساب : 15/08/2011

مفهوم الجزاء في القانون الدولي العام Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجزاء في القانون الدولي العام   مفهوم الجزاء في القانون الدولي العام Empty27/6/2012, 2:05 am


المطلب الأول : أشكال الجزاءات الدولية الاقتصادية
لقد تنوعت أشكال وطبيعة الجزاءات الدولية من عصر إلى عصر ،
واختلفت أنواعها وتباينت فلسفتها وأهدافها من مرحلة إلى أخرى ، ففي عصر
سيادة القوة العسكرية ولدورها الأساسي الذي كانت تقوم به على صعيد العلاقات
الدولية ، كان الجزاء الاقتصادي بمثابة عامل مكمل للأعمال العسكرية ، بل
انه انطبع حينذاك بالطابع العسكري ، إذ يتم فرضه عن طريق استخدام قوات
منفذة ومراقبة له ، وقد كان للجزاء الاقتصادي في تلك الحقبة من الزمن أشكال
محددة تتمثل بـ : الحظر والحصار السلمي والحصار الحربي والمقاطعة والحجز ،
ومع التطور الذي لحق العلاقات الدولية بدأ الجزاء الاقتصادي في التحول
وأخذ شكلاً اكثر تنظيماً وتبلوراً ، وقد واكب هذا التطور ظهور صور من
الجزاءات الاقتصادية تختلف عن الصور التقليدية ويمكن وضعها تحت إطار جزاء
الحرمان من المساهمة في تنظيم هذا النشاط([37]).
وهذا التطور في
حقيقة الأمر لا يعد تطوراً في شكل الجزاء الاقتصادي بقدر ما هو تطور في
أسس العلاقات الدولية بشكل عام ، فقد تراجعت فكرة استخدام القوة في تسوية
المنازعات الدولية وظهرت وسائل أخرى مثل التحكيم والتفاوض والوساطة
والتوفيق من الوسائل السلمية لتسوية المنازعات الدولية ، ولكن عند فشل هذه
الوسائل يتم اللجوء إلى وسائل أخرى مستحدثة لعقاب الدولة المخالفة لأحكام
القانون الدولي مثل الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية .
وفيما يأتي سوف نتناول أشكال الجزاءات الدولية الاقتصادية والطبيعة الخاصة التي يتسم بها كل شكل من هذه الأشكال :
أولاً- الحصار البحري Sea Blockade :
بالنظر إلى ما تمثله التجارة البحرية من أهمية كبيرة للدول فان
الحصار البحري هو من الوسائل الفعالة لممارسة الضغط على الدولة المخالفة
لحثها على الالتزام بأحكام القانون الدولي .
ويتحقق الحصار
البحري عن طريق قيام سفن أجنبية بمحاصرة موانئ الدولة المعاقبة ، وذلك بهدف
منع سفن تلك الدولة المحاصرة من مغادرة موانيها والحيلولة دون وصول سفن
أجنبية أخرى إلى هذه الدولة ، كما يشمل الحصار البحري إغلاق الموانئ في وجه
سفن الدولة المعاقبة .
ويعتبر الحصار من الإجراءات المكملة
لأحكام الضغط على الدولة المعاقبة ، وذلك بهدف زعزعة النظام الاقتصادي فيها
، وهذا ما قد يؤدي إلى انصياعها لأحكام القانون الدولي .
هذا
وللحصار شكلان تقليديان هما (الحصار السلمي Pacific Blockade ، والحصار
الحربي Hostile Blockade )([38]) ، فبالنسبة إلى الشكل الأول للحصار أي
الحصار السلمي لا توجد هنا حالة حرب رسمية ، كما انه لا يطبق إلا على سفن
الدولة المحاصرة ، أما سفن الدول الأخرى فإنها لا تتأثر بالحصار ، فضلاً عن
أن الدول المحايدة لا تستطيع التمسك بحيادها لعدم وجود حالة حرب رسمية .
أما الحصار الحربي فانه يطبق باستخدام بعض القوات العسكرية عند
التعامل مع السفن ، كما قد يؤدي هذا الشكل من الحصار إلى احتجاز السفن .
ويبقى الحصار سلمياً طالما رغب الطرفان المعنيان في اعتباره
كذلك([39])، ولعل من أهم الأمثلة على تطبيق الحصار وسيلةُ فعالة لعقاب
الدول الخارجة عن أحكام القانون الدولي ، الإجراءات التي فرضها مجلس الأمن
على العراق اثر غزوه للكويت عام 1990 ، كما أسلفنا ، فقد اصدر مجلس الأمن
القرار رقم (661)([40])، الذي فرض من خلاله الحظر الشامل (Mass Embargo)
على دولة العراق وذلك بهدف حث العراق على الالتزام بالقرارات الدولية
والتوقف عن تهديد الدول المجاورة .
كما اصدر مجلس الأمن
القرارين (665 ، 670)([41])، ومن خلالهما دعا الدول الأعضاء إلى التعاون مع
حكومة الكويت والمساهمة بقوات بحرية لتأمين تنفيذ الحظر التجاري
(Commercial Embargo) الذي تضمنه القرار (661/1990) .
وقد كانت مهمة هذه القوات مراقبة تنفيذ القرارات السابقة وتأمين موانئ دولتي العراق والكويت لمنع التجاوز على تلك القرارات .
ومما تجدر الإشارة إليه إن إسناد فرض الحصار إلى نص المادة (42) من
ميثاق الأمم المتحدة بوصفه أساساً قانونياً له ، وشكلاً من أشكال الجزاءات
لم يرد في نص المادة (41) من الميثاق نفسه . أما بالنسبة إلى المادة (42)
من الميثاق فقد حددت أشكال الأعمال التي تتخذ عن طريق القوات الجوية
والبحرية والبرية ومن بين تلك الأشكال ( الحظر) ، وهذا ما سنعمل على شرحه
في مكان آخر من هذه الدراسة .
ثانياً - الحجز Detention :
وهو احتجاز السفن التي ترفع علم الدولة المعاقبة في الميناء ، وقد
يكون ذلك تمهيداً للمصادرة . ويطبق هذا الإجراء على جميع السفن المحلية
والأجنبية ، بل ان بعض الدول ذهبت إلى ابعد من ذلك ، إذ كانت تحتجز السفن
التي ترفع علم دولة ما عندما يلوح في الأفق احتمال نشوب حرب مع تلك الدولة ،
وقد كان هذا الاحتجاز يؤدي إلى اعتقال السفن في وقت لاحق والاحتفاظ بها
غنائم حرب وذلك اسهل منالاً ، كما يتيح للدولة الحاجزة مورداً سهلاً من
السفن([42]).
وخير مثال على إجراء احتجاز السفن ما قامت به
بريطانيا سنة 1839 اثر خلافها مع مملكة صقلية لانتهاكها للاتفاقيات الموقعة
مع السلطة البريطانية ، حيث حاصرت موانئ هذه المملكة ، كما أمرت الأسطول
البريطاني بالقبض على كل السفن التابعة لهذه المملكة والموجودة في مياهها
الإقليمية أو في أعالي البحر وإحضارها إلى الموانئ البريطانية لاحتجازها ،
وعندما قامت صقلية بتسوية النزاع بطريقة مرضية لبريطانيا تمت إعادة جميع
السفن المحتجزة إلى مالكيها الشرعيين([43]).
ويعتبر إجراء حجز السفن مكملاً للحصار البحري الذي سبق الحديث عنه ، ويتميز تطبيقه بإضفاء فعالية على هذا الحصار .
ثالثاً- المقاطعة Boycott :
تعد المقاطعة شكلاً حديثاً من أشكال الجزاءات الدولية الاقتصادية ،
وتعني تعليق التعامل الاقتصادي والعلاقات الاقتصادية والتجارية مع دولة
ما([44])، أو حظر إنشاء عوامل الإنتاج على إقليمها ، وتقوم المنظمات
الدولية بدعوة الدول الأعضاء او رعاياها لتطبيق المقاطعة الاقتصادية على
الدولة المخالفة لأحكام القانون الدولي([45]).
وللمقاطعة
الاقتصادية اثر كبير في التوازن الاقتصادي للدولة ، ذلك ان الدولة في العصر
الحديث ترتبط بعلاقات اقتصادية كبيرة ومتشابكة مع الدول الأخرى ، مما
يجعلها في حالة اعتماد مستمر على التعاون الاقتصادي ، إما عن طريق احتياجها
لسلع أجنبية لإشباع حاجاتها الداخلية أو لتسويق منتجاتها خارجياً ، أو
الحصول على مساعدات وتسهيلات وغيرها من العلاقات التبادلية بين الدول ،
فإذا ما تعرضت للمقاطعة فسوف يؤدي ذلك إلى حدوث خلل في اقتصادها قد لا يمكن
معالجته بسهولة.
وتعتبر المقاطعة أيضاً من اخطر واحدث أساليب
الجزاءات الاقتصادية ، و سيكون لها مستقبل كبير في التأثير في المنازعات
الدولية ، رغم ما تحدثه من إضرار للدول الأخرى المتعاملة مع الدولة
المخالفة ، إلا أن لها تأثيراً كبيراً في إرادة الدولة المخالفة ، كما تعمل
على النيل من حريتها في ممارسة حقوقها السيادية والتزاماتها الدولية .
ومن أهم الأمثلة على تطبيق المقاطعة الاقتصادية Economic Boycott ،
الجزاءات التي فرضت ضد دولة جنوب أفريقيا – (نظام روديسيا العنصري) ، حيث
قامت كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن بإصدار عدة قرارات تطالب فيها حكومة
جنوب أفريقيا بوقف ممارساتها العنصرية وسياسة التمييز العنصري (Racial
Discrimination Policy ) ، التي تنتهجها ، ولما لم تمتثل حكومة جنوب
افريقيا لهذه القرارات تم فرض جزاءات دولية عليها بدأت بالحظر العسكري عام
1963 وتطورت حتى شملت جميع المعاملات التجارية والاقتصادية ، وقد حظيت هذه
التدابير بقبول معظم دول العالم مما ضمن تحقيق نجاح كبير لها حتى اكتملت
بها صورة المقاطعة الاقتصادية الكاملة التي استمرت حوالي ثلاثين عاماً ،
وحققت في نهايتها جميع أهدافها وأجبرت حكومة جنوب أفريقيا على إجراء
انتخابات حرة والتخلي عن سياستها العنصرية([46]).
رابعاً- جزاء عدم المساهمة Deprivation from Participating in the International Organizations.
إن جزاء عدم المساهمة هو جزاء نظامي يتحقق عند قيام المنظمة
الدولية بإصدار قرارات إدارية تنطوي على عدم إمكانية استخدام الدولة
المخالفة لحقوقها داخل المنظمة الدولية ، كما تحرم تلك الدولة من التمتع
بالامتيازات التي تمنحها لأعضائها ، وتتوقف خطورة هذا الجزاء على أهمية
المنظمة التي توقع هذا الجزاء والدور الذي تقوم به في إطار العلاقات
الاقتصادية الدولية ، فحجم ودور البنك الدولي للإنشاء والتعمير وأهميته –
علي سبيل المثال- يختلف عما تقوم به منظمة الأغذية والزراعة FAO ، وهذا
الاختلاف لا ينقص من القيمة القانونية والأدبية للمنظمة الدولية أو لقرار
فرض الجزاء ، ولكن الاختلاف يتمثل بتأثير هذا الدور على مستقبل وحياة
الدول .
ويمكن ملاحظة جزاء عدم المساهمة في مجالات عديدة تتعلق
بالمعاملات النقدية، والفنية ، والمصرفية ، وحركة الاستيراد والتصدير ،
وحركة رؤوس الأموال والاستثمارات ، والإجراءات الجمركية والحقوق الدولية ،
والاتفاقات التعاونية([47]).
كما قد يتخذ جزاء عدم المساهمة
أشكالاً متنوعة ما بين حرمان من المشاركة في التصويت ، والحرمان من
المشاركة في النشاطات الاقتصادية التي تمارسها المنظمة ، وكذلك إيقاف أو
منع أو تجميد التعاون الدولي بين أعضاء المنظمة والدولة المخالفة ، وإيقاف
العضوية ذاتها أو إنهائها .
وتتضح لنا الصورة عند تنفيذ جزاء
الحرمان من المساهمة في المنظمات الدولية الاقتصادية ، لما تشكله مساهمة
الدول في نشاطها من أهمية كبيرة لدعم اقتصاد هذه الدول واستقرارها المالي
والتجاري ، وقد قامت تلك المنظمات بتجميد أنشطة أعضائها في مناسبات عدة ،
ففي عام 1968 قام البنك الدولي للإنشاء والتعمير بحرمان دولة (بيرو) من
التمتع بمزايا عضويتها في البنك ومنع تقديم أية قروض لها بسبب انتهاجها
لسياسة تأميمية غير عادلة تجاه شركة بترول أمريكية([48]).
ومثال
آخر على جزاء الحرمان من المساهمة ، وذلك عندما قام صندوق النقد الدولي
بتطبيق هذا الجزاء ضد فرنسا بسبب اضطراب سياستها النقدية وذلك عام
1948م([49]).
خامساً- الحظر الدولي International Embargo :
يقصد بالحظر الدولي منع إرسال الصادرات إلى دولة أو عدة
دول([50])، وقد توسع بعض الفقه في مفهوم الحظر الدولي ألي درجة اختلاطه
بمفهوم المقاطعة (Boycott)، غير إن الأخذ بالمفهوم الضيق لهذا المصطلح –
بحيث يعني فقط تحريم وصول الصادرات إلى دولة أو دول أخرى يكون اصدق في
الدلالة([51]). وسوف نرجئ الحديث تفصيلاً عن هذا الشكل من أشكال الجزاءات
الدولية الاقتصادية إلى الفصل الثاني من هذه الدراسة .


المطلب الثاني : السلطة المنوط بها فرض الجزاءات الدولية
عند قيام دولة ما بارتكاب مخالفة لأحكام القانون الدولي فهي تستحق
في هذه الحالة العقاب ، سواء بهدف ردعها أو تعويض الطرف المتضرر من السلوك
المنحرف الذي ارتكبته الدولة المخالفة .
إن ما تجدر الإشارة
إليه ، هو أن المجتمع الدولي يكون هو صاحب الحق الأول في استخدام آلية فرض
الجزاءات الدولية ، وذلك بقصد حث الدولة المخالفة على الرجوع عن سلوكها
المخالف والالتزام بقواعد القانون الدولي وبقرارات الشرعية الدولية ، ومن
الناحية العملية فان المجتمع الدولي لا بد من أن يمثل بجهة أو هيئة معينة،
تقوم بعملية فرض الجزاءات الدولية ، سواء بتقرير هذه الجزاءات أو بتنفيذها
ضد الدولة التي خرقت أحكام النظام القانوني الدولي .
هذا وقد تباينت الآراء الفقهية في مسألة تحديد الجهة التي يناط بها سلطة فرض هذه الجزاءات الدولية .
فقد ذهب رأي في الفقه إلى أن المجتمع أو الجماعة الدولية ككل هي
صاحبة هذا الحق ، في حين يرى جانب آخر من الفقه ، أن الدول فرادى هي التي
تستطيع من الناحية العملية القيام بهذا الدور ، في حين يرى فريق ثالث من
الفقه ، ان المنظمة الدولية هي الكيان القانوني الأحق والأنسب لإناطة سلطة
فرض الجزاءات بها ، سواء في تقرير هذه الجزاءات أو في مراقبة تنفيذها ،
ولأهمية هذه الآراء الفقهية في هذا الموضع من هذه الدراسة سوف نتناولها
فيما يأتي بشيء من التفصيل :
أما الرأي الأول فقد ذهب إلى انه
لعدم وجود سلطة تنفيذية في المجتمع الدولي، فان الجماعة الدولية هي التي
تقوم بالتشريع لنفسها ، كما تقوم بتنفيذ ما شرعته ، ومن ذلك يتبين أن هذه
الجماعة تضع الجزاءات وتوقعها([52]).
وبتحليل هذا الرأي يتبين
لنا انه قد انصرف إلى أن القائم بتقرير جزاء معين على دولة مخالفة هي
الجماعة الدولية بشكل عام ، ويقصد بها مجموع الدول والمنظمات الدولية ،
وانه لم يقصر هذا الاختصاص على الدول بشكل فردي أو على المنظمات الدولية
بشكل مستقل ، ونحن نرجح قليلاً هذا الرأي ، إلا انه وان كان يتمتع بتأييد
وتدعيم كثير من الفقهاء ، يفتقد إلى الواقعية ، ذلك انه من الصعب عملاً
إجماع الدول والمنظمات على فرض جزاء على إحدى الدول ، وذلك بسبب اختلاف
وتشابك المصالح السياسية .
ولذلك فقد ذهب رأي آخر في الفقه ،
إلى انه بسبب عدم وجود سلطة مركزية قادرة على توقيع الجزاء على الدول التي
تخالف القانون الدولي ، فان الدول تمارس هذا الجزاء فرادى ، وذهب أيضا إلى
انه في حالة سلوك دولة ما مسلكاً يتعارض مع التزامات دولية او أهداف سياسية
معينة ، فلقد أعطى هذا الرأي للدولة الموجه ضدها هذا المسلك الحق في أن
تقوم بتوجيه رد إلى الدولة الأولى تختلف صورته وحدته ومشروعيته على وفق
ظروف مختلفة تتعلق بالدول المتضررة ، ومدى تطور نظام الضبط في المجتمع
الدولي([53]).
ويؤخذ على هذا الرأي انه لم يميز بين الرد بالمثل
أو الأعمال المضادة او الانتقامية وبين الجزاءات بالمعنى القانوني لها ،
فهذه الأعمال وان كانت ذات خصائص قريبة الشبه بالجزاءات في إطار العلاقات
الدولية إلى حد كبير ، إلا أنها تفترق عنها في زاوية قانونية معينة وهي أن
الجزاء لا يصدر من قبل الطرف وإلا كان فعلاً مخالفاً للقانون ، لان أي نظام
قانوني في أية مرحلة من مراحل نموه لا يسمح أن يجمع طرف من أطراف النزاع
بين صفتي الخصم والحكم([54])، وان كنا نرى أن الرد بالمثل والأعمال المضادة
والانتقامية قد تتمتع بمشروعية خاصة في إطار حالة الانتقال التي يجتازها
اليوم النظام القانوني الدولي ، ولكن هذه المشروعية لا ترقى بهذه الأعمال
حتى توصف بأنها جزاءات بالمعنى القانوني لها .
والرأي الأخير
يذهب إلى أن الجزاء الذي يمكن توقيعه على مرتكب المخالفة لقاعدة قانونية
دولية من قبل جهاز مؤهل لذلك بناءاً على قرار صادر بثبوت تلك المخالفة
قانوناً .
وبناءاً على ذلك فانه يشترط في الجزاء الدولي ألا
يصدر – كما أسلفنا – من الطرف المتضرر وهذا ما يلزم معه صدور الجزاء في
مرحلتيه التنظيمية والإجرائية من قبل جهة مؤهلة قانوناً للقيام بذلك .

وهكذا يخرج الجزاء من كونه مجرد وسيلة فردية لعلاج حالة اللامشروعية
والضرر المحدود ، إلى اعتباره إجراءً قسرياً رادعاً لمعالجة المخالفة
الدولية التي ترتكب ضد التزامات جوهرية متعلقة بمصالح أساسية للجماعة
الدولية([55]).
وان كانت (مارجريت دوكسي M. Doxey) قد ذهبت إلى أن الاستخدام التنفيذي محتمل ولكنه ليس مكوناًَ أساسياً للجزاء([56]).
ونحن نتفق تماماً مع هذا الرأي ، حيث أن واقع العلاقات الدولية
يسمح الآن بتقرير الجزاء من قبل جهة مؤهلة لذلك قانوناً ، وتنفيذه ومراقبته
بواسطة مجموع الدول أو دولة معينة ، وبذلك يكون هذا المنفذ أو المراقب
مؤهلاً قانوناً بتفويض من جهة تقرير الجزاء للقيام بهذا الدور .


المطلب الثالث : أهداف الجزاءات الدولية
وهنا يجدر بنا البحث عن ماهية الهدف الذي يبتغيه المجتمع الدولي
من وراء قيامه بتوقيع الجزاءات الدولية على أحد أعضائه ، حيث أن من شأن مثل
هذه الجزاءات إحداث آثار كبيرة في الدولة المخالفة ، وعليه فان على
المجتمع الدولي أن يحدد الغرض الذي يبتغيه من وراء إجراءا ته العقابية ،
فهل الهدف من وراء فرض الجزاء الدولي هو الردع والعقاب وإعطاء مثل للدول
الأخرى حتى لا تحذو أي منها حذو الدولة المخالفة ، أم هو إصلاح الأضرار
الناشئة عن الفعل المخالف وتعويض الدولة المضرورة ، أم غيرها من الأهداف ،
وقد تعددت الآراء الفقهية في هذا المضمار ونوجز فيما يأتي أهم هذه الآراء
في هذا الشأن :
فقد اتجه رأي في الفقه إلى أن لمثل هذه
الإجراءات هدفاً محدداً تركز في عقاب الدولة المرتكبة لمخالفة قانونية وليس
إصلاح هذه المخالفة([57])، أي الهدف من وراء فرض الجزاء هنا حسب هذا الرأي
هو لغرض ردع الدولة المخالفة والاقتصاص منها، وهذا الرأي قد تأكد من خلال
التجارب السابقة المتعلقة بتوقيع هذه التدابير في العلاقات الدولية ، ولعل
خير مثال على هذه التدابير ، الحظر الدولي الذي تم فرضه على العراق اثر
احتلاله الكويت عام 1990 ، فهذه التدابير لم تقف عند حد إجبار القوات
العراقية على الانسحاب من الأراضي الكويتية أو تعويض الكويت عن الخسائر
التي نجمت عن الغزو ، ولكن تجاوزت هذه الأهداف ، واستمر الحظر لتحقيق هدف
معين وهو ردع دولة العراق وعقابها وكذلك التأكد من عدم قدرتها على ارتكاب
مثل هذه المخالفة مجدداً وتأمين جيرانه من الدول من احتمال إيقاع أي ضرر
جديد بهم .
في حين يرى اتجاه آخر في شأن إصلاح الضرر الناشئ عن
مخالفة القانون الدولي هدفاً أساسياً لتوقيع الجزاءات الدولية وخاصة
الاقتصادية([58])، والواضح أن هذا الاتجاه يتميز بالموضوعية في تحديد الهدف
من وراء فرض الجزاء .
فالدولة المتضررة من الفعل المخالف
للقانون تحرص بشكل أساسي على إصلاح الأضرار التي لحقت بها والحصول على
التعويض المناسب ، أما هدف الجزاء والردع فهو بالنسبة إلى الدولة المتضررة
أمر غير مجدٍ .
ويذهب اتجاه ثالث في الفقه إلى أن الهدف من هذه
التدابير ، هو الضغط على دولة ما لإجبارها على تغيير سياستها التي تتعارض
مع أحكام القانون الدولي .
وأخيراً ذهب اتجاه رابع في الفقه إلى
أن أهداف هذه الجزاءات هي في المقام الأول سياسية ، وذلك لمحاولة تدعيم
نفوذ دولة كبرى في منطقة معينة أو غير ذلك من الأهداف السياسية التي قد
تكون واضحة وسافرة أو أن تكون غامضة ومستترة بأهداف أخرى([59]) .

ورغم تباين الآراء المذكورة آنفاً ، فقد نلاحظ جزاءات تفرض من المجتمع
الدولي تهدف إلى تحقيق اكثر من هدف من الأهداف التي تتبناها أي من تلك
الآراء السابقة .
ونرى أن الهدف من وراء فرض الجزاء يختلف بحسب
نوع هذا الجزاء ، فقد يكون الجزاء في صورة بطلان أو تعويض أو غير ذلك من
الصور بعد ثبوت مسؤولية الدولة عن تصرفها ، وهذا النوع من الجزاء يستهدف
إصلاح آثار الضرر المترتب على مخالفة القانون الدولي . وقد يكون الجزاء
قمعياً أو قسرياً أي أن يتم توقيعه على المصالح المختلفة للدولة اقتصادية
أو سياسية ، وهذا النوع من الجزاءات يستهدف ردع الدولة المخالفة ، ومنعها
من إتيان مثل هذه الأعمال مرة أخرى ، وكذلك في الوقت ذاته إعطاء العبرة
للدول الأخرى لمنعها من انتهاج سياسة مماثلة .
وهناك أيضا أهداف أخرى للجزاءات الاقتصادية الدولية هي :
1) إن الهدف من فرض الجزاءات الدولية هو للتأثير في القيادة السياسية للدولة الهدف وإقناعها بالرضوخ لتنفيذ طلبات معينة .
2)
الهدف الآخر من فرض الجزاءات الدولية ، هو أن هذه الجزاءات الدولية قد
تتفق على نحوٍ يسير مع رغبة دولة ما أو دول متحالفة في التعبير عن معارضتها
أو عدم استساغتها أو انتهاكها الصارخ لسياسات دولة ما .
3) قد يتم
فرض الجزاءات الدولية وذلك باتباع المنطق الديني في القصاص (Retribution)
والاقتصاص(Punishment) . وعند اخذ حالة (العراق) بنظر الاعتبار فهنا نستطيع
أن نضيف هدفاً رابعاً للجزاءات ، وهو أن الجزاءات هي واحدة من الوسائل
العديدة التي قد تستخدمها دولة ما لغرض تحقيق الأهداف الخاصة بسياساتها
الخارجية . ولا بد لنا بعد ذكر أهداف الجزاءات الدولية من أن نورد بإيجاز
السمات التي تتصف بها هذه الجزاءات : أولاً ، تكون الجزاءات الدولية معقولة
فقط عندما تقوم بفرضها الدول العظمى أو عندما تفرضها الدول المتحالفة ضد
الدول أو الكيانات الضعيفة ، وهذا يعني انه عندما تقوم دولة مثل (كوبا)
بحرية تامة بفرض جزاءات ضد الولايات المتحدة ، فان اثر هذه الجزاءات يكاد
يكون معدوماً ذلك أن مصداقية هذه الجزاءات سوف تتقوض بشكل تلقائي . ثانياً ،
ومن خلال استمرار فرض الجزاءات ومنها الحظر عبر العصور ثبت بشكل أساسي
أنها تعمل دائما على تقويض مصداقيتها وهذا ما ينطبق تماماً في حالة فرض
الجزاءات الاقتصادية وفي مقدمتها الحظر الدولي ([60]).
إذن فالجزاءات
الدولية تكون فعالة وقوية ولها مصداقيتها طالما تم فرضها من قبل الدول
القوية أو التحالفات الدولية ضد الدول أو الدويلات الضعيفة جداً من أمثال
دول العالم الثالث .



جزء من رسالة ماجيستير بعنوان" الحظر الدولي في القانون الدولي العام " للطالب ( اياد يونس محمد الصقلي ) _ جامعة الموصل - العراق _ 2004

---------------
([1]) د. حسن كيرة ، المدخل إلى القانون ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1969 ، ص9.
([2])
د. حسن الجلبي ، القانون الدولي العام ، ج1 ، بغداد ، 1964 ، ص31 ؛
وللمزيد من التفصيل انظر : د. حامد سلطان ، القانون الدولي العام في وقت
السلم ، القاهرة ، 1969 ، ص ص 13-24.
([3]) د. جعفر عبد السلام ، بعض
الاتجاهات الحديثة في فقه القانون الدولي العام ، مجلة مصر المعاصرة ،
العدد (381) ، 1980 ، ص ص 5-50 .
([4]) See : A. L. Epstein, “International Sanctions”, British Encyclopaedia, London, 1989, pp. 5-6.
([5]) هانز كلسن ، النظرية المحضة في القانون ، ترجمة : د.اكرم الوتري ، مركز الأبحاث القانونية، وزارة العدل ، بغداد ، 1986 ، ص56.
([6]) نقلاً عن د. محمد طلعت الغنيمي ، الوجيز في التنظيم الدولي ، ط4 ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، ص242 .
(3) See : Roubier ,” Theorie generale du droit “, Paris , 1963 , P. 134.
([8]) انظر : د. محمد طلعت الغنيمي ، قانون السلام ، منشاة المعارف ، الإسكندرية ، 1982 ، ص60 .
(1)
See . “International Sanction “, A Report by A Group of members of the
Royal Institute of International Affairs Oxford University Press 1938,
P.21.
([10]) د. محمد طلعت الغنيمي ، د. محمد السعيد الدقاق ،
القانون الدولي العام ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 1991، ص66 ،
ص67 .
([11]) د. نزار العنبكي ، سلطة مجلس الأمن في توقيع جزاءات الفصل السابع ، مجلة الحقوقي بغداد ، الأعداد /2-4 ، 1997 ، ص43 .
(1)See : H.L .Hart ,” The Concept of Law “, London , 1961 , PP.211-215.
Ibid. , p.p., 225-229 . (2)
([14]) See: Doxey Margaret P., “Economic Sanctions and International Enforcement”, Oxford University Press, 1977, p.p., 17, 21.
([15]) See :Doxey Margaret P., Ibid., p . 21.
([16])
د. محمد السعيد الدقاق ، "عدم الاعتراف بالأوضاع الإقليمية غير المشروعة"
(دراسة لنظرية الجزاء في القانون الدولي) ، دار المطبوعات الجامعية ،
الإسكندرية ، 1984 ، ص ص 65-75 .
([17]) See: Wolfgang Friedman , "The
Changing Structure of International Law" , Colombia University Press
1964 , p. 71 ., New York ,
([18]) See : H.L. Hart , Op. Cit., pp. 209-210.
([19]) د. محمد سامي عبد الحميد ، " أصول القانون الدولي " ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية، 1995 ، ص9 .
([20])See:
Hans Kelsen, Principles of International law, New York , 1959 , pp.
417– 418; See also W. Friedman, Op. Cit., p.72.

([21]) د. محمد سامي عبد الحميد ،
مصدر سابق ، ص72 ؛ د . محمود سامي جنينة ، " القانون الدولي العام "، مطبعة
الاعتماد ، 1933 ، ص17 .
([22]) See: G.V, Glahn, Law Among Nations, University of Minesota, Vol.1, Second Ed., 1970, p.56.
([23]) د. محمد حافظ غانم ، " مبادئ القانون الدولي العام " ، مطبعة نهضة مصر ، 1961 ، ص58 .
([24]) See: H.L . Hart, Op .Cit., p. 212 .
([25]) د. محمد طلعت الغنيمي ، "الأحكام العامة في قانون الأمم" ، دار منشأة المعارف ، الإسكندرية ، بدون سنة طبع ، ص ص 41-42 .
([26])
See : Fredric L. Kirgis Jr., “International Organization In Their
Legal Setting" , American Casebook Series , 1977, p.431.
([27]) See: M. Doxey,“ International Sanctions in Contemporary Perspective ”, Macmillian Press, 1987, p.3.
([28])
محمد مصطفى يونس ، " النظرية العامة لعدم التدخل في شؤون الدول " ، كلية
حقوق القاهرة ، 1985، ص64؛ See also: M . Doxey , Op., Cit., p.4.

([29]) See : M. S. Daudi and M.S. Dajani, “Economic Sanctions and Experiences”, Roulledye & Kegan, 1983,p.24.
([30])See : Hans Kelsen, “The Law of The United Nations”, 1950, p.294.
([31])
د.الشافعي محمد بشير ، "القانون الدولي في السلم والحرب" ، دار الفكر
الجامعي ، القاهرة ، ط4، ص ص 40-58؛ وأنظر كذلك : د. عبد الحسين القطيفي ، "
القانون الدولي العام " ، الجزء الأول في أصول القانون الدولي العام ،
مطبعة العاني ، بغداد ،1970،ص ص 41-47.
([32]) د. حسن الجلبي ، مصدر سبق ذكره ، ص41.
([33]) د. الشافعي محمد بشير ، مصدر سبق ذكره ، ص42 .
([34]) د. حسنين إبراهيم صالح ، " الجريمة الدولية "، ط1 ، دار النهضة ، القاهرة ، 1979 ، ص184.
([35])
للمزيد من التفاصيل بخصوص المحاكم المشكلة وعدد قضاتها وعملها انظر :
قرارات مجلس الأمن ، (808 ، 827 ، 857 ، 877) ؛ كذلك انظر : الوثائق
الرسمية لمجلس الأمن للسنة الثانية والأربعين (S/ 25307 , S/25266 ,
S/25240 , S/25274) .
([36]) Charles Rousseau, Le Boycott age dans
les reports International, Revue General de Droit International Public,
Mars, 1958, p.20.
([37]) انظر : د. محمد طلعت الغنيمي ، المصدر السابق ، ص206.
([38])
للمزيد من التفصيل انظر : لويس لوفور ، " موجز في الحقوق الدولية العامة
"، مطبعة بابيل اخوان ، دمشق ، 1932 ، ص ص 832 ، 837 .
([39])See : G.V. Glahn, Op. Cit., pp. 259-266.
([40])See : U. N. Security Council Resolution No. 661, 1990.
([41])See : U. N. Se/Res. 665, 1990 and 670, 1990.
([42])See : G. V. Glahn, Op. Cit., p.253.
([43]) د. محمد عبد الوهاب الساكت ، "دراسات في النظام الدولي المعاصر" ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1985 ، ص216.
([44])See : G.V. Glahn, Op. Cit., pp. 253,256.
([45])
د. عبد الحسين القطيفي ، "المقاطعة الاقتصادية في العلاقات الدولية" ،
مجلة السياسة الدولية ، ع (7) ، السنة الثالثة ، القاهرة ، 1967 ، ص ص
54-71 .
([46]) د. بطرس بطرس غالي ، "الأمم المتحدة والفصل العنصري من
1948 حتى 1994 " ، سلسلة الكتب الزرقاء ، المجلد الأول ، الأمم المتحدة ،
1994 ، ص42.
([47]) See: Nills Blokker & Saam Muller, “Towards
More Effective Supervision by International Organizations”, Martinus
Nijhoff Pub. 1998, pp. 127-128.
([48]) See: Fredric L. Kirgis, Op. Cit., p.541.
([49])
See: Joseph Gold,” The Sanctions of the International Monetary Fund;
American Journal of International Law., Vol.66, N. 1st Jan . 1972,
p.750.
([50]) انظر : محمد مصطفى يونس ، مصدر سابق ، ص61.
([51]) انظر : د. عبد الله الاشعل ، "الجزاءات غير العسكرية في الأمم المتحدة" ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، 1976 ، ص20.
([52]) د. محمد منصور الصاوي ، " أحكام القانون الدولي المتعلقة بكافة الجرائم الدولية "، الإسكندرية، 1984 ، ص ص 88 ، 89 .
([53]) د. عبد الله الاشعل ، مصدر سبق ذكره ، ص12.
([54]) د. زهير الحسني ، "التدابير المضادة في القانون الدولي العام" ، 1988 ، ص12.
([55]) د. زهير الحسني ، المصدر نفسه ، ص13 .
([56]) See : M. Doxey, Op. Cit., p.4.
([57]) د. زهير الحسيني ، المصدر السابق ، ص11.
([58]) د. محمد السعيد الدقاق ، المصدر السابق ، ص66.
([59])See: Barry F. Carter, “International Economic Sanctions”, Cambridge University Press ,1988 ,p. 12.
([60])See
: Roger Normand & Christoph Wilcke, Symposium, “International
Sanctions Against Iraq : Where Are We After Ten Years? Human Rights,
Sanctions and Terrorist Threats : The United Nations Sanctions Against
Iraq”, Soura : legal> Area of Law _ By Topic> International
Law> Law Reviews & Journals > International Law Review, 2001,
p.4.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sitealgerie.yoo7.com/
 

مفهوم الجزاء في القانون الدولي العام

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» بحث حول: الجنسية بين القانون الدولي العام و القانون الدولي الخاص
»  تحميل كتاب القانون الدولي العام
» القانون الدولي العام
» الدفاع الشرعي في القانون الدولي العام
» التدخل الدولي لأسباب إنسانية في القانون الدولي المعاصر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نجم الجزائر :: منتديات التعليم العالي :: التعليم الجامعي :: الحقوق و الشؤون القانونية-