تعليم ، دروس ، تمارين ، حلول ، كتب ، أكواد ، طبخ ، أخبار ، توظيف
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
style

شاطر
 

 بحث حول المذاهب الشكلية 2012

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
DZSecurity
المدير العام
المدير العام
DZSecurity

البلد : الجزائر
الجنس ذكر
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 02/02/1994
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 573
السٌّمعَة السٌّمعَة : 103
الإنتساب الإنتساب : 11/04/2011

بحث حول المذاهب الشكلية 2012 Empty
مُساهمةموضوع: بحث حول المذاهب الشكلية 2012   بحث حول المذاهب الشكلية 2012 Empty7/1/2012, 9:17 pm

بحث حول المذاهب الشكلية
المذاهب الشكلية


مقدمة

كما
هو معروف فان القانون هو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية التي تنظم
علاقة الأفراد داخل المجتمع و قد مر القانون بفترات و مراحل حق استقر على
الوضع الذي هو عليه إذ نجد أن الفقهاء و الفلاسفة قد اختلفوا حول العناصر
التي يدعون منها وحق يكتسي هذا القانون صفة الشرعية ويكون ملزما للأفراد و
بذلك ظهرت ثلاثة تيارات حاولت كل منها إبراز ماهية القانون ومن ابرز هذه
التيارات نجد المدرسة الشكلية وقد اهتمت هذه المدرسة بالمظهر الخارجي
للمدرسة القانونية أي أنها تربط القاعدة القانونية بالسلطة التي وضعتها
كذلك يكون القانون مجرد تعبير عن إرادة من له سلطة الأمر و النهي داخل
المجتمع و من ابرز فقهاء هذه المدرسة نجد كل من كيلس , هيقل ,ومدرسة شرح
على المتون الفرنسية , وأوستن ، وندرس هده المداهب تباعا فيما يلي كل
مدهبين في مبحث

المبحث الأول : مذهب أوستن ومذهب الشرح على المتون

أوستن
هو فيلسوف انجليزي كان أستاذا لفلسفة القانون بجامعة لندن في النصف الأول
من القرن 19 ودراسة هدا المذهب تقتضي التعرف على الفكرة التي يقوم عليها ،
النتائج التي تترتب عليه و الانتقادات التي وجهت إليه وهو ما ندرسه في
ثلاثة فروع على التوالي

الفرع الأول : أسس مذهب أوستن :

الفكرة
التي يقوم عليها هي أن القانون هو إرادة أو مشيئة الحاكم ينفذها جبرا على
الأفراد عند الاقتضاء , إذ هي ليست فكرة جديدة وإنما هي قديمة حيث كان
فلاسفة اليونان يعتبرن أن أصل القانون هو إرادة الحاكم , وقد اخذ به في
العصر الحديث فيلسوف انجليزي هو: هوبز . وهذا الأخير حاول تبرير سلطة
الحاكم بنظرية العقد الاجتماعي , وهذه الأخيرة تقوم على أساس اتفاق الرعية
على تعين شخص يخضعون له فيما يصدره من أوامر فيصبح حاكما بأمره .


وعلى ذلك فان أوستن لم يبتكر الفكرة التي أقام عليها مذهبه , ولكن يرجع
إليه الفضل في صياغة الفكرة و تمهيدها في شكل نظرية عامة .فحدد معلمها وبين
أحكامها وفصل نتائجها .، ولقد تأثر أوستن عند وضع مذهبه بإرادة الفلاسفة و
الفقهاء القدماء عندما اخذ هذه الآراء ومذهبها وأقام عليها مذهبا متكاملا
أو نظرية عامة فكان لها الصدى الكبير لدى الكثير من الفقهاء ، وتتلخص هذه
النظرية أن أساس القانون هو أمر توجهه هيئة حاكمة إلى المحكومين و ترفقه
بجزاء , فأوستن يعرف القانون بأنه :« أمر أو نهي يصدره الحاكـم استنادا إلى
السلطة السياسية و يوجهه إلى المحكومــين و يتبعه بجزاء ».

ومن
خلال هذا التعريف لأوستن لكي يوجد القانون في نظره لابد من توفر 03 شروط
وهي كالتالي :

01- وجود حاكم سياسي :

لكي نكون بصدد قانون
طبقا لمذهب أوستن يجب أن يوجد حاكم سياسي أي حاكم يخضع له جميع الناس و
يتمتع إزاءها بالسيادة السياسية .، فالقانـون لا يقوم إلا في مجتمع سياسي و
يستند في تنظيمه إلى وجود طبقتين : طبقة حاكمة بيدها السلطة , و لها الحق
الأمر و النهي و هنا قد يكون الحاكم فردا او هيئة ( البرلمان ) او نظام
سياسي ديمقراطي او استبدادي ملكية او جمهورية مطلقة او مقيدة و هذه الهيئة
هي التي تتولى تنظيم العلاقات في المجتمع من خلال قوانين تصدرها. وطبقة
ثانية هي الطبقة المحكومة و يقتصر دورها على تطبيق الأوامر او النهي الصادر
عن الهيئة الحاكمة التي تتولى أيضا توقيع الجزاء الدنيوي على من يخالفها
نظرا لقدرتها و لما تملكه من قوة و أيضا المهتم وجود حاكم سياسي له السلطة
السياسية و بيده زمام الحكم , و يسيطر على كل القوى داخل الجماعة و يدين له
الجميع بالطاعة و الولاء .

وعلى ذلك لا يعتبر قانوننا ما يصدر من
قرارات او أوامر من هيئات ليست السيادة السياسية كالنقابات و الجمعيات و
الأحزاب فالقانون هو تعبير عن إرادة الطبقة الحاكمة التي لها السلطة و
السيادة السياسية في المجتمع .

02- وجود أمر او نهي :

ويقصد
بالأمر او النهي او التكليف : أن ما تريده الهيئة الحاكمة إنما يكون أمرا
او نهيا يصدر من الحاكم او المحكومين الذين يجب عليهم الطاعة . فالقانون
ليست مجرد نصيحة تقدم للناس و تترك لهم حرية الطاعة , ولكن ينبغي أن يرتبط
ذلك بجزاء دنيوي يوقع على من يخالفه .والذي يتولى توقيع الجزاء هو الهيئة
الحاكمة نظرا لقدرتها في تحقيق ذلك من خلال القوة التي تملكها , فالقانون
يمكن أن يصدر صريح او ضمنيا صريحا في أمرا او نهي و ضمنيا عندما يكون
الاكتفاء بيان الحكم الواجب التطبيق متى توفرت شروط معينة .

و
عموما أوستن أمن بان القانون أمر او نهي او تكليف الهيئة الحاكمة (
المحكومة ) و ذلك بان القانون هو القاعدة وضعتها الهيئة الحاكمة ليكون
مطاعا و يكون المنتهك له عرضة لعقاب منصوص عليه ووصفها بالجزاء القانوني.


03
وجــود جــزاء :

لكي يوجد القانون وفقا لمدهب اوستن يجب ان يقترن
الامر او النهي بجزاء يوقعه الحاكم على من يخالف امره اونهيه

يري
لوستن انفكرة الجزاء هي فكرة اساسية في القاعدة القانونية بغيرها لا توجد
القاعدة القانونية فالحاكم السياسي يملك بين يديه زمام الامور في المجتمع
ولديه السلطة والقوى التي تمكنه من فرض ارادته على المحكومين عن طريق توقيع
الجزاء في حالة مخالفة ما يصدره من اوامر ونواهي ، بحيث لايقوم القانون
ولاتوجد القاعدة القانونية ما لم يقترن الامر او النهي بالجزاء الدي يكفل
احترامه

الفرع الثاني : النتائج المترتبة على مذهب أوستن :

يترتب
على مدهب اوستن النتائج التالية :

- إنكار صفة القانون على القانون
الدولي العام :

يرى أوستن أن قواعد القانون الدولي العام ليست
قواعد قانونية مدعما رأيه بأن الدول ذات السيادة متساوية و بذلك لا توجد
هيئة حاكمة عليا لها القوة و سلطان تفرض رأيها على الدول متبعة ذلك بجزاء و
يرى أوستن أن القانون الدولي العام هو عبارة عن مجموعة قواعد و مجاملات أي
احترام متبادل بين الدول . غير مقترن بجزاء .

- إنكار صفة القانون
على القانون الدستوري :

القانون الدستوري هو الذي يحدد شكل
الدولة و طبيعة الحكم فيها و ينظم علاقة بين الأفراد و يحدد حرياتهم و
مقوماتهم الأساسية . أي انه ضابط للحاكم يرى أوستن أن هذه الفكرة غيره
معقولة لأن الحاكم هو الذي يضع القواعد القانونية فيها انه هو واضعها يمكنه
مخالفتها و لانعدام الجزاء إذ لا يتصور أن يوقع الحاكم الجزاء على نفسه و
يطلق على القانون الدستوري صفة ( الأخلاق الوضعية ) ، ويعتبر اوستن التشريع
المصدر الوحيد للقواعد القانونية لأنه هو الذي يتضمن الأمـر او النهـي
الصادر عن الحاكم الموجه إلى المحكومين أما العرف لا يصدر من الحاكم و إنما
هو ينشأ من استمرارية سلوك الأفراد على نحو معين و إتباعهم لقاعدة معينة
زمنا طويلا مع شعورهم بضرورة احترامها بإلزامها لذلك فلا يعتد أوستن بالعرف
كمصدر من مصادر القانون و يرى أن تواتر سلوك الأفراد على نحو معين
وإتباعهم لقاعدة معينة زمنا طويلا مع شعورهم بضرورة احترامها و اعتقادهم
بإلزامها .

ويرى أن تواتر سلوك الأفراد على نحو معين زمنا طويلا لا
يمكن أن ينشأ قواعد قانونية إلا في الحدود التي يسمح بها المشرع .و يرى أن
تواتر سلوك الأفراد على نحو معين زمنا طويلا لا يمكن أن ينشىء قواعد
قانونية إلا في الحدود التي يسمح بها المشرع .


الفرع الثالث :
النقد الموجه لنظرية اوستن

1/ خلطه بين القانون و الدولة :إمكانية
وجود قانون مع المجتمع قبل أن تظهر الدولة أي أن القانون ليس مقترن بالدولة
في وجوده .

2/ مزج بين القانون و القوة :أعطى الحق للحاكم في فرض
هيمنته ضد المجتمع و جعل أساس القانون هو القوة أي جعل القانون في خدمة
الحاكم و من المفروض أن يكون الحاكم في خدمة القانون .
3/ جعل التشريع
هو المصدر الوحيد للقواعد القانونية :و هنا نجد أن أوستن قد اغفل المصادر
الأخرى مثل العرف .الذي يلعب دورا هاما في إنشاء بعض القواعد القانونية مثل
القانون التجاري و تجدر الإشارة أن أوستن هو انجليزي و عاش في انجلترا و
هو البلد الذي يعد العرف مصدرا رئيسيا فيه .

4/ يعاب عليه إنكار
فكرة القانون الدولي العام: إذ أن أوستن اعتبر لا وجود لسلطة عليا فوق
الدول و هو قول مردود عليه إذ أن هناك عنصر إلزام في القانون الدولي و هناك
هيئة عليا تسهر لتطبيقه ( الأمم المتحدة , محكمة العدل الدولية) و التاريخ
يشهد بتدخل الأمم المتحدة في عدة نزاعات و تسويتها و محاكمة بعض المسؤولين
الموضوعيين بأنهم مجرمون حرب مثل محاكمة الزعيم الصربي : سلادوفان
ميلوزوفيتش .
5/و يعاب أوستن على إنكاره عن القانون الدستوري :حيث نجد
أن الحاكم ملزم بإتباع إحكام القانون الدستوري حيث نرى في العصر الحديث أن
الأمة هي مصدر السلطة و بالتالي تكون أعلى من الحاكم . و بالتالي فإنها
تثور ضده في حالة مخالفته للأحكام الدستورية .

6/ يعاب عليه التقيد
بالتفسير الضيق ( نية المشرع ) للنص القانوني :وبذلك فان القانون لا تماشى و
متغيرات الحياة .

7/ يعاب عليه الأخذ بالمظهر الخارجي للقواعد
القانونية :أي انه يرى ضرورة النظر إلى إرادة الحاكم للقواعد دون أن يهتم
بالظروف و العوامل الاجتماعية التي تحيط بالمجتمع .




المطلب
الثاني : مذهب الشرح على المتون.

مذهب الشرح على المتون هو مذهب
من المذاهب الشكلية ،كما أنه ثمرة لآراء مجموعة من الفقهاء الفرنسيين الذين
تعاقبوا خلال القرن التاسع عشر على اثر تجميع أحكام القانون المدني
الفرنسي في مجموعة واحدة أطلقوا عليها تقنين نابليون و مذهب الشرح على
المتون يتمثل في انه مجرد طريقة أو أسلوب لتفسير و شرح القانون ،اتبعه
هؤلاء الفقهاء و ظهر في مؤلفاتهم و أبحاثهم التي استخلص منها الفقهاء في
أوائل القرن العشرين المبادئ و الأسس التي قام عليها هذا الأسلوب في الشرح و
التفسير و صاغوا منها مذهبا له ميزاته الخاصة و حددوا أسماء الفقهاء الذين
ساروا على هذا الأسلوب و لكن لم ينسبوا هذا المذهب إلى فقيه معين بل أطلق
عليه اسم مذهب أو نظرية الشرح على المتون.
وقد سميت المدرسة التي تكونت
من فقهاء الشرح على المتون بمدرسة التزام النصوص أو مدرسة تفسير النصوص
نظرا لالتزام هؤلاء الفقهاء بالنصوص في شرحهم و تفسيرهم تقنين نابليون
باعتبار أن هذه النصوص ضمنت كل الأحكام القانونية.

وندرس مدهب
الشرح على المتون في ثلاثة فروع متتالية ، نخصص الاول منها لدراسة الاسس
التي يقوم عليها ، ونخصص الثاني لدراسة النتائج التي تترتب عليه ، ونخصص
الثالث لدراسة الانتقادات الموجهة اليه

الفرع الاول : أسس مذهب
الشرح على المتون.

يتفق مدهب الشرح على المتون مع مدهب اوستن في انه
يجعل التشريع هو المصدر الوحيد للقانون ، ولكنه يختلف عنه في انه يقوم على
اساس احترام نصوص التشريع وتقديسها ، ولدلك يمكن القول بان مدهب الشرح على
المتون يقوم على اساسين هما : تقديس النصوص التشريعية واعتبار التشريع هو
المصدر الوحيد للقانون ويبين دلك فما يلي

1-تقديس النصوص
التشريعية: يرى فقهاء الشرح على المتون أن أساس القانون هو التشريع و من
هذا المنطلق ظهر تقديس النصوص التي تناولوها في مؤلفات أبحاثهم إضافة إلى
انه قد تبين أنهم يعتقدون أسلوبا خاصا في تفسير و شرح النصوص القانونية

إن
أي أساس تتقيد به مدرسة أو يستند عليه مذهب أو فقيه إلا وله سبب لذلك و
يرجع السبب هنا في تقديس فقهاء الشرح على المتون النصوص التشريعية إلى أن
النظام القانوني الذي كان سائدا في فرنسا قبل صدور التقنين المدني الفرنسي
الذي كان يعرف بتقنين نابليون كان يختلف في شمال فرنسا عنه في جنوبها
فالجزء الشمالي كان يخضع لنظام قانوني مستمدا أساسا من قواعد العرف و
التقاليد .أما الجزء الجنوبي فكان يخضع لنظام قانوني استمد من القانون
الروماني و قد كان توحيد القانون في فرنسا أمنية استطاع نابليون تحقيقها في
عهده و نظرا للمزايا الكبيرة التي حقها تقنين نابليون استطاع أن يؤثر بشكل
كبير في عالم القانون داخل و خارج فرنسا مما جعلهم يندفعون نحو احترام و
تقدس هذا التقنين و اعتباره المصدر الوحيد للأحكام القانونية فهو في نظرهم
قانون كامل كالكتاب المقدس فقد أحاط بكل شيء حيث تضمن جميع المبادئ و أحكام
القانون المدني ،فأصبحوا يعتمدون على هذا لتقنين تماما كما يفعل المفسرون
في تفسير الكتب المقدسة.

2- اعتبار التشريع هو المصدر الوحيد
للقانون: إضافة إلى تقديس النصوص التشريعية تقوم مدرسة الشرح على المتون
على أساس ثاني ممثل في اعتبار التشريع هو المصدر الوحيد للقانون حيث أن
القانون ينحصر فقط في النصوص المكتوبة التي يصدرها المشرع بدليل أن هذه
النصوص تتضمن جميع الأحكام القانونية إضافة إلى أنها المصدر الوحيد للحلول
اللازمة بجميع الحالات و لهذا فالقاضي ملزم بتنفيذ هذه النصوص و التقيد
بأحكامها و يمنع عليه اللجوء إلى مصادر أخرى لأنها ليست بمنزلة الأمر
التشريعي الصادر عن الحاكم أو المشرع.

الفرع الثاني :النتائج
المترتبة عن مذهب الشرح على المتون.

إن مذهب الشرح على المتون يقوم
على أساس ان التشريع هو المصدر الوحيد للقواعد القانونية إضافة إلى احترام
و تقديس النصوص التشريعية أدى إلى ترتيب عدة نتائج منها:
1- على
القاضي أن يلتزم بتفسير النصوص التشريعية ليصل إلى حل مناسب للمشكلة
المطروحة أمامه فلا يجوز الخروج عليها و هذا لأنها تعتبر لفقهاء الشرح على
المتون نصوصا مقدسة لا يجوز المساس بها أو الخروج على أحكامها فمهمة القاضي
هنا الحكم بمقتضى القانون و ليس الحكم على القانون.

2- إذا عجز
الشارح أو المفسر فقيها كان أو قاضيا عن استخلاص قاعدة ما من نصوص التشريع
فان اللوم يقع عليه هو و ليس على المشرع لان ذلك العجز لا يرجع إلى عيب في
التشريع الذي احتوى جميع لقواعد القانونية بل يرجع إلى عدم قدرة الشارح أو
المفسر في استخلاص القواعد من النصوص.

3- يجب عند تفسير النصوص
البحث عن إرادة المشرع أو نيته التي التي أراد إن يعبر عنها لهذه النصوص
فالتشريع أساس القانون أي أن العبرة في تفسير هذه النصوص دائما بالأحكام
التي اتجهت إليها إرادة أو نية المشرع.

الفرع الثالث : الانتقادات
الموجهة للمذهب.

1- مذهب الشرح على المتون يعتبر التشريع المصدر
الوحيد للقانون و كان فرنسوا جيني من أهم مهاجميه في فكرة مصادر القانون و
اثبت تعدد المصادر و لم يعد هناك مصدر وحيد للقانون .

2- يترتب على
منهجية الشرح على المتون حصر دائرة الشرح و التفسير في التشريع وحده مما
ترتب عليه اضطرابا الى الأخذ بالإرادة المفترضة أحيانا وغير إرادة المشرع
دفع ببعض الفقهاء من إلى القول برفض أي طلب لا يستند إليه في التشريع.

3-
نتج عن مذهب الشرح على المتون ذات النتائج التي ترتبت على منهج مذهب أوستن
فكلاهما يشكلان مذهب مشيئة الدولة و يعتمدان منهجا استبداديا يبحث عن أساس
القانون في إرادة وهي أداة الحكم المتمثلة في ظل الله على الأرض أي الحاكم
او السلطان

4- الظروف الاجتماعية و الاقتصادية المحيطة بالمجتمع و
الى تقديس لإرادة المشرع و إهمال إرادة الآمة أمر يؤدي إلى الدكتاتورية
الاستبدادية كحتمية.

5- ان استخدام القياس المنطقي و إغفال الواقع
في التطبيق الآلي للقانون ا.النصوص حتى افتقدوا الرؤية السليمة و غالوا في
الحفاظ على استقرار المعاملات الى ما يسمى بإخضاع الأحياء إلى الأموات.

المبحث
الثاني : مدهب هيغل ومدهب كلسن
هيغل هو فيلسوف الماني كان يعمل
استادا في بعض جامعات المانيا في مطلع القرن التاسع عشر مثل جامعة هايندبرج
سنة 1818 وله مؤلفات في بعض فروع الفلسفة ومنها فلسفة القانون التي الف
بشانها كتابه مبادئ فلسفة القانون سنة 1861 وتناول مدهب هيغل في ثلاثة فروع
تدرس فيها على التوالي الفلسفة التي يقوم علها وما يترتب عليه من نتائج ثم
ما وجه اليه من انتقادات

الفرع الاول: الفلسفة التي يقوم عليها
مدهب هيغل

ويتلخص مدهب هيغل في ان القانون يستمد اساسه وشرعيته
وقوته الملزمة من صدوره عن الدولة بحيث لا يوجد القانون الا ادا صدر معبرا
عن ارادة الحاكم في الدولة فالقانون وفقا لمدهب هيغل هو ارادة الدولة في
الداخل بالنسبة لعلاقتها بالافراد وهو اراداتها في الخارج بالنسبة
لعلاقاتها بغيرها من الدول دلك ان الدولة هي سيدة نفسها ويجب ان يخضع لها
كل من يدخل في تكوينها وهي لا تخضع لارادة احد سواء داخل الدولة او خارجها
حيث ينادي هيغل بسلطان الدولة سلطان مطلقا ، ويرى ان هدا السلطان المطلق
يشمل علاقات الدولة بالافراد في المجتمع الداخلي كما يشمل ايضا علاقاتها
بالدول الاخرى في المجتمع الدولي ففي داخل الدولة يرى هيغل ان المجتمع لا
يرقى الى مرتبة الدولة الا ادا راى جميع الافراد في المجتمع ان ثمة صالحا
عاما مشتركا يجب ان تتجه ارادتهم الى تحقيقه فتتخد ارادتهم وحرياتهم بدلك
الصالح العام المشترك وتتمثل فيه ارادتهم العامة التي تفنى فيها تماما
ارادة الافراد وحرياتهم فالدولة كما يرى هيجل هي تجسيد لارادة الانسان
وحريته لان حرية الانسان الحقيقية لاتتحقق الا باندماجه في الدولة وهدا
يقتضي ان يتلاشى الافراد في الدولة ويخضعون لها خضوعا تاما حيث يقوم كيان
الدولة وسلطانها على ارادتهم العامة

ويدهب هيغل الى ان سيادة
الدولة واحدة لاتتجزا او يجب ان تدوب في وحدتها جميع الاعتبارات ووجهات
النظر المختلفة و ان تتجسد هده السيادة في شخص واحد يملك التعبير بارادته
وحدها عن الارادة العامةالتي يقوم عليها كيان الدولة وسلطاتها ومن تم يكون
هدا الشخص هو صاحب السلطان الاعلى في الدولة وتكون ارادته قانونا واجب
النفاد لانه يملك القوة اللازمة لفرض احترام هده الارادة

اما في
خارج الدولة فيرى هيغل انه لا يوجد سلطة او ارادة اعلى من سلطة او ارادة
الدولة بحيث تلزمها سلوك معين في علاقاتها مع الدول الاخرى وتجبرها على
احترام هدا السلوك دلك ان الدولة سيدة نفسها ولا توجد سلطة اعلى منها
وان جميع الدول متساوية في هده السيادة ومن تم فانه لا توجد سلطة بشرية
تختص بتنظيم العلاقات بين هده الدول او تختص بحل ما ينشا بينها من منازعات
ولدلك تكون الحرب هي وسيلة الدولة لتنفيد ارادتها في المجتمع الدولي بشان
علاقاتها مع غيرها من الدول ولحل ما ينشا بينها وبين هده الدول من
منازعات .

وتنتهي الحرب دائما بحل النزاع لصالح الدولة الاقوى التي
تستطيع فرض وجهة نظرها بالقوة وتعتبر النتيجة التي تنتهي اليها الحرب في
نظر هيغل نوعا من القضاء الالاهي او ما يشبه ان يكون حكما من محكمة
التاريخ حيث يبين التاريخ على مر العصور ان الانتصار في الحروب يكون دائما
للطرف الاقوى الدي يحق له النصر وبدلك تكون الغلبة للدولة التي تستطيع فرض
ارادتها بالقوةعلى الدولة الاخرى

الفرع الثاني :النتائج التي تترتب
على مدهب هيغل

يترتب على مدهب هيغل نتائج تشبه الى حد كبير النتائج
التي ترتب على مدهب اوستن حيث ينتمي كل منهما الى طائفة او مجموعة من
المداهب الشكليةويعمل كل منهما على تبرير الحكم الاستبدادي المطلق ولدلك
فانه طالما ان ارادة الحاكم وفق مدهب هيغل هي القانون الواجب النفاد فانه
يترتب على هدا ان تنحصر مصادر القانون في مصدر وحيد هو التشريع المعبر عن
ارادة الحاكم كدلك ادا كان اوستن يعتبر ققواعد القانو ن الدستوري هي مجرد
قيود فرضها الحاكم على نفسه بمحض اختياره ويعتبر قواعد القانون الدولي
العام هي مجرد قواعد مجاملات او واجبات ادبية تراعيها الدولفيما بينها
فان هيغل لايرى لهده القواعد وجود فهو لا يعترف الا بالارادة المطلقة
للحاكم داخل الدولة كما لا يعترف الا بهده الااردة المطلقة في علاقات
الدولة بغيرهامن الدول في المجتمع الدولي الامر الدي يجعل القوة وحده
السبيل الى تنفيد رغبات الحاكم داخل الدولة دون مراعاة لاية قيود وهي
السبيل ايضا الى تنفيد مايرده الحتكم في علاقة الدولة بالدول الاخرى دون
مراعاة لاية مجاملا او واجبات ادبية ففي المجتمع الداخلي كما يقول هيغل
تلقى الشعوب المصير الدي تستحقه ويولي عليها الحكام الدين تكون جديرة بهم
وفي المجتمع الدولي لامحل لوصف الحرب بانها غير عادلة او غير مشروعة
فكلحرب تكون دائما عادلة ومشورعة وتنتهي دائما صالح الطرف الاقوى الدي
يكون جدير بالنصر ويؤدي دلك الى ان الدولة الاقوى هي التي تسود العالم
وتهيمن على العلاقات الدةوليى الى ان تتوافر لدولة غيرها قوة اكبر من
قوتها فتنتقل اليها السيطرة على العلاقات الدوليةى وبدلك ينقسم التاريخ
الى مراحل تتميز كل منها بسيطرة احدى الدول الكبرى وادا تعادلت دولتان او
اكثر في القوة واخدت تتنازع السيطرة فيما بينها فان العالم لم يهدا او
يستريح الا ادا انتهى هدا التنازع بحرب تنتصر فيها احدى الدول المتنازعة
فتصبح لها السيطرة والهيمنة على العلاقات الدولية في العالم

الفرع
الثالث : نقد مذهب هيغل

توجه الى مدهب هيغل الانتقادات التي وجهت
الى مذهب أوستن
ولاصحة للادعاء باقتصار مصادر القانون على مصدر وحيد
هو التشريع حيث توجد الى جانبه مصادر اخرى في مقدمتها العرف
كدلك يؤخد
على مدهب هيغل انه يوحد بين ارادة الحاكم المفرزة بالقوة وبين القانون مما
يؤدي الى الاستبداد المطلق داخل الدولة حيث يعمل هيغل على سلب حريات
الافراد وتدويبهم تماما في الدولة ثم يعمل على تقديس ارادة الحاكم في
الدولة على حساب حريات الافراد وهدا من شانه ان يؤدي الى قيام الانظمة
الاستبدادية

كما يؤدي توحيد الارادة المفرزة بالقوة مع القانون
الى استبداد الدولة في علاقاتها مع الدول الاخرى ، مما يجعل الحرب هي
الوسيلة الوحيدة لفض المنازعات بين الدول ، بل والى السيطرة على العالم حيث
يجعل هيغل النصر والغلبة للدولة التي تملك القوة ولو لم تكن على حق في
اعتدائها وغزوها للدول الاخرى ولا شك ان هدا يؤدي الى اضطراب العلاقات
الدولية وعد م استقرار المجتمع الدولي

كدلك يعاب على مدهب هيغل انه
اكتفى من القاعدة القانونية بمظهرها الخارجي شانه في دلك شان المداهب
الشكلية التي يندرج تحتها دون البحث فيما وراء هدا المظهر الخارجي
اخيرا
يؤخد على مدهب هيغل انه اراد بفلسفته التي نادى بها تدعيم الحاكم
الاستبدادي المطلق الدي كان قائما في عهده واثباث حق الشعب الالماني في
السيطرة على العالم
المطلب الثاني : مدهب كلسن:
كلسن هو فيلسوف
نمساوي كان يعمل استادا لفلسفة القانون بجامعة فيينا سنة 1917 كون بتعاليمه
ومبادئه مدهب سمي باسمه كما عرف هدا باسم مدهب القانون البحتدلك لان
كلسن يرى ان علم القانون البحت يجب ان يقتصر على دراسة السلوك الانساني من
حيث خضوعه للضوابط القانونية وحدها دون غيرهامن الضوابط التي تدخل في علوم
اخرى لايختص بدراستها رجل القانون البحتوانما يختص بدراستها علماء
الاجتماع او الاقتصاد او السياسة او غيرهم حسب نوعية هده الضوابط
ونخصص
لدراسة مدهب كلسن ثلاثة فروع متتالية ، نخصص الاول منها لدراسة الاسس
التي يقوم عليها ، ونخصص الثاني لدراسة النتائج التي تترتب عليه ، ونخصص
الثالث لدراسة الانتقادات الموجهة اليه
الفرع الاول :الاسس التي يقوم
عليها مدهب كلسن
يمكن القول بان مدهب كلسن يقوم على اساسين هما :
استبعاد العناصر غير القانونية من نطاق القانون ووحدة القانون والدولة
ونبين دلك فيما يلي :
1_استبعاد العناصر غير القانونية
يرى كلسن
وجوب استبعاد كافة العوامل غير القانونية من نطاق القانون، كالعوامل
الاقتصادية و الاجتماعية و المبادئ المثالية و الأخلاقية و العقائد و
المفاهيم السياسية و غيرها . فالقانون البحت يجب ان يقتصر على الضوابط
القانونية في وجودها الشكلي باعتبارها أوامر صادرة من إرادة تملك قوة
الإجبار و المجازاة ، و هي إرادة الدولة التي تجعل الأمر واجب الطاعة و
ترجع إليها جميع مصادر القانون ، و لكن دون التصدي لتقييم مضمونها او
التعرض لأسباب نشأتها ، غير ان كلسن اذا كان يقصر القانون على الضوابط
القانونية معنى واسع يشمل كل عمل قانوني سواء كان قاعدة قانونية عامة
كالقواعد القانونية التي يتكون منها القانون بفروعه المختلفة ، ام كان
قاعدة فردية كالأوامر الإدارية و العقود و الأحكام القضائية و غيرها . و
على ذلك يتكون القانون ، وفقا لمذهب كلسن ، من قواعد قانونية عامة اوفردية
2_وحدة القانون و الدولة .
و لكن كلسن لا يكتفي برد القانون الى إرادة
الدولة و مشيئتها ، بل انه يخلط بين القانون والدولة خلطا تاما حيث يرى ان
الدولة ليست صانعة القانون ، و إنما هي نفسها القانون . و على ذلك يوحد
كلسن بين القانون و الدولة و يدمجهما معا و يعتبر القانون هو الدولة ، و
الدولة هي القانون .

حيث يذهب كلسن الى ان الدولة ليست شخصا معنويا و
انما هي مجموعة من القواعد القانونية بعضها فوق بعض درجات تشبه هرما تبدأ
قاعدته بالأوامر الفردية و العقود و الأحكام القضائية ، و تنتهي قمته
بالدستور . ذلك ان الدستور هو القاعدة القانونية الكبرى التي تعلو جميع
درجات القواعد القانونية و تهيمن عليها و تعتبر مصدرا لجميع القواعد الأخرى
بحيث تستمد كل درجة شرعيتها و صفتها القانونية من الدرجة التي تعلوها . و
يعتبر الدستور وما يتفرع عنه من قوانين و قرارات و أوامر فردية و أحكام
قضائية نظاما قانونيا كاملا هو الدولة .

غير ان كلسن يرى ان النظام
القانوني لا يعتبر دولة إلا بوجود هيئات مركزية مختصة بالتعبير عن القواعد
القانونية التي يتكون منها هذا النظام القانوني و تطبيقها عن طريق الإجبار .

"
فمثلا في مجال النشاط الخاص يقرر كلسن ان العقد ينشئ ضوابط قانونية فردية
تلزم الأفراد بإتباع سلوك معين . فالتزام المشتري بعقد البيع بأداء الثمن
مثلا هو تنفيذ لضابط قانوني يفرضه العقد ، و يستمد العقد قوته من نص
التشريع الذي يعطي للسلطة التشريعية حق إصدار التشريع . و ما الدولة إلا
مجموع قواعد الدستور و ما يتفرع عنه من القواعد ."
و في مجال استعمال
القوة الجبرية يرى كلسن ان استعمال قوة الدولة الجبرية في مختلف الحالات هو
إرادة الدولة معبرا عنها عن طريق الشخص او الهيئة صاحبة الاختصاص في
استعمال هذه القوة . فمثلا في حالة تنفيذ حكم قضائي باستعمال القوة الجبرية
فان المحضر او المنفذ ، أي الموظف المكلف بتنفيذ هذا الحكم ، يكون عمله
تعبيرا عن إرادة الدولة في تنفيذ حكم قضائي ، و هذا الحكم بدوره هو إرادة
صادرة من القاضي تطبيقا لقاعدة عامة و ضعها المشرع ، و هذه القاعدة هي
بدورها إرادة المشرع . و إرادة المشرع لا يعتبر إرادة الدولة إلا اذا كانت
صادرة منه في حدود اختصاصه الذي يقرره له الدستور .


الفرع
الثاني :النتائج التي ترتبت على مذهب كلسن .
يترتب على مذهب كلسن او
نظريته نتيجتين هما :

1. رفع التناقض بين اعتبار القانون إرادة
الدولة و بين ضرورة تقيد الدولة بسلطان القانون:. يرى كلسن ان القول بان
القانون هو إرادة الدولة ، و هو ما تقول به المذاهب الشكلية الأخرى ،
يتناقض مع القول بوجوب تقيد الدولة بأحكام القانون ، اذ كيف يمكن القول بان
إرادة الدولة هي القانون ثم يقال بعد ذلك انه يجب على الدولة ان تتقيد
بأحكام القانون . فطالما ان القانون هو إرادة الدولة فان أي مخالفة للقانون
من جانب الدولة تكون إرادة جديدة، أي تكون قانونا جديدا يعدل القانون الذي
خالفته الدولة ، و بذلك يستحيل ان تتقيد الدولة بالقانون .

و يقول
كلسن ان مذهبه يزيل هذا التناقض حيث يقول ان الدولة وفقا لهذا المذهب ، هي
النظام القانوني نفسه و ليس لها وجود إلا من خلال هذا النظام . فالدولة
تستمد جميع وظائفها ووظائف أعمالها من هذا النظام القانوني في درجاته
المختلفة و في الحدود التي تعيينها كل درجة . ومن ثم فلا محل لتصور استقلال
الدولة عن القانون ، و بالتالي عدم تقيدها به ، فالقول بان الدولة هي
القانون لا يمكن معه تصور عدم تقيد الدولة بالقانون يقتضي ان تكون الدولة
مستقلة عن القانون و ذلك بان تكون الدولة و القانون شيئين متميزين كل منهما
عن الأخر في حين ان الدولة و القانون ليسا سوى شيء واحد .

و على
ذلك فان كلسن يرى ان وحدة القانون و الدولة من شانها إزالة التناقض بين
اعتبار القانون هو إرادة الدولة و بين وجوب خضوع الدولة للقانون و تقيدها
به .

ثانيا : وحدة القانون وعدم جواز تقسيمه الى قانون عام وقانون
خاص :
القانون العام هو القانون الذي يحكم العلاقات التي تكون الدولة
طرفا فيها بصفتها صاحبة السيادة ، أما القانون الخاص فهو القانون الذي يحكم
العلاقات بين الأفراد او العلاقات التي تكون الدولة طرفا فيها و لكن ليس
بصفتها صاحبة السيادة ، بل بصفتها فردا عاديا شانها في ذلك شان باقي
الأفراد. وعلى ذلك فان أساس قواعد القانون العام هو القوة و السيطرة بخلاف
قواعد القانون الخاص فان أساسها هو المساواة بين الطرفي العلاقات التي
تحكمها هذه القواعد .

يرى كلسن ان التفرقة بين القانون العام و
القانون الخاص لا يرجع أصلها الى القانون الوضعي ، بل يرجع الى الرغبة في
إعطاء الحكومة و الجهاز الإداري التابع لها نوعا من الحرية إزاء التشريع و
إظهار علاقات القانون الخاص و كأنها بعيدة عن التيارات السياسية التي تسود
علاقات القانون العام و العلم القانوني البحت ، كما يقول كلسن ، ليس في
حاجة الى إخفاء مثل هذا الأثر و بالتالي ليس في حاجة الى الإبقاء على تفرقة
لا فائدة منها . ذلك ان علم القانون البحت يقتصر على الضوابط القانونية
التي تحكم سلوك الإنسان و تستبعد منه جميع العناصر الأخرى التي تدخل في
علوم أخرى و بصفة خاصة المفاهيم و العقائد السياسية .

و على ذلك
فانه ، وفقا لمذهب كلسن لا مجال لتقسيم القانون الى قانون عام وقانون خاص
حيث يتكون القانون من مجموعة من القواعد القانونية العامة او الفردية تتدرج
بعضها فوق بعض بشكل هرمي ، تحكم كل درجة منها العلاقات التي تدخل في
نطاقها الحدود المقررة بهذه الدرجة دون الحاجة الى التمييز بين القواعد
التي تحكم العلاقات التي تكون الدولة طرفا فيها بصفتها صاحبة السيادة و
القواعد التي تحكم العلاقات التي لا تكون الدولة طرفا فيها بهذه الصفة .
الفرع
الثالث :الانتقادات الموجهة الى هذا المذهب .
اختلف النقاد في تقرير
مذهب كلسن اختلافا كبيرا ، حيث دافع بعضهم عن هذا المذهب محاولا بيان فضله
في حل بعض التناقضات ومنها التناقض بين اعتبار القانون إرادة الدولة وبين
وجوب التزام الدولة بأحكام القانون و تقيدها به .
غير ان هذا الدفاع لم
يفلح في تفادي ما وجه الى مذهب كلسن من انتقادات ، حيث وجهت إليه
الانتقادات الآتية :

1. يؤخذ على مذهب كلسن انه يخفي مشكلة أساس
القانون و لا يضع حلا لها . ذلك ان التدرج الهرمي للقواعد القانونية الذي
تستمد فيه كل درجة صفتها لا شرعية من الدرجة التي تعلوها يقف عند القاعدة
القانونية الكبرى ، و هي الدستور ، في قمة الهرم دون ان يتمكن كلسن من
إسنادها الى قاعدة أعلى تستمد منها شرعيتها وفقا لتدرج القواعد القانونية
.وذلك اضطر الى القول بوجود هذه القاعدة العليا التي يستمد منها الدستور
شرعيته ، وجودا مسبقا يجب التسليم به بحكم الواقع دون ان يقوم عليه دليل
علمي حيث يقول ان هذه القاعدة العليا او الضابط الأعلى الذي يستمد منه
الدستور شرعيته قد يتمثل في قاعدة عليا تاريخية صادرة عن ثورة او عن مغتصب
للسلطة . فاذا لم يكن لهذا الضابط الأعلى وجود حقيقي فانه يجب التسليم
بوجوده على سبيل الافتراض فهو مجد ضابط شكلي يمنح الاختصاص الى أول جهة
تقوم بوضع الدستور و تقف مهمة هذا الضابط عند هذا الحد بحيث لا يعتبر جزءا
من النظام القانوني الوضعي .

غير ان هذا القول من جانب كلسن يؤدي في
النهاية الى إسناد الدستور اما الى القوة واما الى القضاء وهو ما لا يمكن
التسليم به كأساس للقانون .

هذا فضلا عن الضابط الاعلى الذي افترض
كلسن وجوده ، هو ضابط شكلي ، ومن ثم فهو لا يتضمن أي قيد موضوعي يلتزم به
الدستور الوضعي . وهذا من شانه ان يجعل هذا الضابط يعطي للدستور صفته
الشرعية و قوته الملزمة ايا كان مضمونه ، أي حتى ولو اخذ هذا الدستور
بالاستبداد السياسي و كبت الحريات .

2 . كذلك يؤخذ على مذهب كلسن
انته في محاولته رفع التناقض بين اعتقاد القانون بإرادة الدولة وبين ضرورة
تقييد الدولة بالقانون قد ادمج الدولة في القانون وقال بوحدة الدولة و
القانون وهو قول يخالف الواقع .

فالدولة لها كيان مستقل عن القانون
بدليل توقيع الدستور نفسه احتمال مخالفة الدولة للقانون باعتدائها على
المراكز الشخصية التي يتضمنها القانون ، حيث أصبح من المسلم به ان تنص
الدساتير على تقييد سلطة الدولة و إلزامها باحترام المؤسسات و الأنظمة و
الحقوق و الحرات القائمة في المجتمع . فالقول بوجود كيان مستقل للدولة عن
القانون وهو قول يستند الى أساس واقعي ملموس بضوابط أحكام قانونية تنص
عليها الدساتير ، ومن ثم يمكن الاعتماد عليه و الأخذ به . في حين ان القول
بوحدة الدولة و القانون لا يستند الى أي أساس واقعي بل يقوم على فكرة مسبقة
لا يمكن إثبات صحتها هي وجود قاعد عليا يجب التسليم بها تعلو التدرج
الهرمي و يستمد منها شرعيته و قوته ومن ثم فان هذا القول غير جدير بالأخذ
به .

3. يؤخذ أيضا على مذهب كلسن انه لا يجعل مكانا للعرف في التدرج
الهرمي للقواعد القانونية الذي يبنى عليه هذا المذهب ، على الرغم من انه
قد أصبح من الحقائق الثابتة التي لا محل لإنكارها ان العرف مصدر هام من
مصادر القانون لا يمكن تجاهله او إغفال دوره في إنشاء القواعد القانونية،و
قد حاول أنصار مذهب كلسن دفع هذا النقد بالقول ان قوة العرف مستمدة من
إجازة الدستور له، غير ان هذا القول مجرد افتراض يخالف الواقع ذلك ان
الدساتير تقتصر على تنظيم التشريع دون ان تتصدى للنص على قوة العرف .
فالواقع ان العرف يتكون تلقائيا في المجتمع دون ان يتوقف او يعتمد على
إجازة المشرع له .

4 . كذلك يؤخذ على مذهب كلسن انه اغفل على قواعد
القانون الدولي العام التي تنظم العلاقات بين الدول ، ولم يجعل لهذه
القواعد مكانا في الهرم القانوني الذي يقوم عليه هذا المذهب . ذلك ان كلسن
ارجع النظام القانوني لكل دولة الى دستورها حيث جعل القواعد القانونية
تتدرج تحت الدستور و تستمد قوتها منه وهو ما يصلح ان يكون سندا للقواعد
القانونية التي تحكم العلاقات داخل الدولة دون القواعد القانونية التي تحكم
العلاقات بين الدولة و غيرها من الدول .

5. يؤخذ على مذهب كلسن
أيضا القول بوجد قواعد قانونية فردية فمن المسلم به ان القواعد القانونية
تتميز بالعمومية و التجريب فالقواعد القانونية هي قواعد عامة مجردة بمعنى
أنها توجه الى الأشخاص او الى الوقائع بصيغة عامة لا ينص فيها الى شخص او
أشخاص معينين بالاسم ولا الى واقعة او وقائع محددة بالذات ، و من ثم فلا
صحة للقول بوجود قواعد قانونية فردية يوجه الخطاب فيها الى شخص معين بذاته
او الى واقعة محددة بذاتها .

6. كذلك يؤخذ على مذهب كلسن تجريده
القانون مكن كافة العناصر و العوامل غير القانونية كالعوامل الاجتماعية او
الاقتصادية او السياسية او الأخلاقية او المثالية التي تؤثر في نشأة
القانون وتطوره فالقانون ظاهرة اجتماعية تتاثر في نشأتها وتطورها بحقائق
الحياة الاجتماعية و مثلها العليا ومن ثم يجب عند دراسة أساس القانون ان
تؤخذ في الاعتبار الحقائق المادية و الفكرية السائدة في المجتمع و بغير ذلك
تكون الدراسة قاصرة في منهجها معيبة في نتائجها .

7. و أخيرا يؤخذ
على مذهب كلسن انه مذهب شكلي يهتم بشكل القانون دون جوهره حيث يقتصر
القانون على الضوابط القانونية في وجودها الشكلي ، و يقيم على هذا الشكل
نظاما من القواعد النظامية بعيدا كل البعد عن واقع الحياة العملية و ما
يتفاعل فيها من عوامل سياسية واقتصادية و مثالية وغيرها .

الخاتمة:

يهدف
القانون الى تنظيم المجتمع ويضمن المصلحة العامة لما يقوم بالتوفيق بين
مصالح الأفراد وحرياتهم وبين المصلحة العامة ولكن الى أي حد يحقق القانون
العدل ، لقد اختلفت الآراء الفقهية في هدا الصدد فتذهب المدرسة المثالية
الى القول بانه لا احترام للقواعد القانونية ادا لم تكن تهدف الى تحقيق
العدل ، فالعدل هو الدي يفرض احترام هده القواعد بينما تذهب المدرسة
التاريخية الى ان الجبر او الالزام هو الدي يفرض احترام القواعد القانونية

الحقيقة
هي انه لابد ان يكون هدف القانون هو تحقيق العدل وان كان من الصعب تحقيقه
خاصة بمفهومه المثالي المطلق ولكن يجب ان تسعى اليه القوانين الوضعية ،
وتحقيق العدالة وهو العدل الدي يطبقه المشرع وفقا لظروف كل بلد وزمان معين


قائمة المراجع

الدكتور اسحاق ابرهيم منصور نظريتا
القانون والحق وتطبيقاتهما في القوانين الجزائرية ديوان المطبوعات الجامعية
الجزائر الطبعة الثانية سنة 1990

الدكتور ابرهيم ابو النجا محاضرات
في فلسفة القانون ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر سنة 1999

الدكتورة
فريدة محمدي زواوي المدخل للعلوم القانونية نظيرة القانون المؤسسة الوطنية
للفنون المطبعية وحدة الرغاية الجزائر سنة 2002

الدكتور ادريس
فاضلي الوجيز في فلسفة القانون ديوان المطبوعات الجامعية الجزائرسنة 2003

الدكتور
ادريس فاضلي مدخل الى المنهجية وفلسفة القانون ديوان المطبوعات الجامعية
الجزار الطبعة الثانية سنة 2005





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sitealgerie.com
 

بحث حول المذاهب الشكلية 2012

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» أثر المذاهب السياسية في تحديد وظيفة الدولة و مدى انعكاسها على الحقوق و الحريات العامة
»  مصطلحات القانونية 2012
»  رص السنة الرابعة 4 متوسط جميع المواد رائع بحجم صغير-2012 bem 2012
» صور Justin bieber 2012, صور جاستن بيبر 2012
» أنــــــواع المنـــاهــــــج 2012

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نجم الجزائر :: منتديات التعليم العالي :: التعليم الجامعي :: الحقوق و الشؤون القانونية-