- miloud كتب:
- المبحث الثاني:أركان القرار الإداري
يقوم أي قرار إداري على أركان أساسية حتى يكون
القرار مشروعا فإدا انعدم ركن من الأركان اعتبر القرار معيبا هده الأركان
منقسمة إلى قسمين :أركان شكلية و أركان موضوعية
المطلب
الأول:الأركان الشكلية
الفرع الأول:الشكل
يقصد بالشكل في
القرار الإداري المظهر الخارجي الذي يبدو فيه القرار والإجراءات التي تُتبع
في إصداره، وتهدف الشكليات إلى ضمان حسن سيرالمرافق العامة من ناحية،
وضمان حقوق الأفراد من ناحية أخرى، كما أنها تشكل ضمانةً للإدارة نفسها
تمنعها من الارتجالية والتسرع وتهديد حقوق الأفراد وحرياتهم، باتخاذ قرارات
غير مدروسة، أي أنها ليست مجرد روتين أو عقبات أو إجراءات إدارية لا قيمة
لها.(1)
وكما يقول الفقيه الألماني إيهرينغ فإن الشكليات والإجراءات
تُعد الأخت التوأم للحرية وهي العدو اللدود للتحكم والاستبداد.
ولكن
يجب التنويه إلى أن التشدد في موضوع الإجراءات قد يؤدي إلى تسهيل عمليات من
قِبل أصحاب العلاقة أو إلى التدخلات من قِبل الهيئات السياسية أو
الاقتصادية، كما قد ينجم عنه الإبطاء الشديد في سير المرافق العامة.
ورغم
ذلك فإن إخضاع السلطات الإدارية لبعض الإجراءات الشكلية يشكل ضمانةً قوية
للأفراد.(2)
والأصل أن القرار الإداري لا يخضع لشكلٍ معين إلا إذا نصّ
القانون على خلاف ذلك بأن استلزم كتابته أو احتواءه على بياناتٍ معينة كذكر
السبب مثلاً، أو استوجب اتخاذ إجراءات محددة كأخذ رأي هيئة، أو إجراء
التحقيق اللازم.
ولا يؤدي عيب الشكل إلى بطلان القرار الإداري إلا إذا
نصّ المشرع صراحةً على البطلان في حالة عدم استيفاء الشكل المطلوب، أو إذا
كان عيب الشكل جسيماً أو جوهرياً بحيث أن تلافيه كان يمكن أن يؤثر في مضمون
القرار أو يغير من جوهره.(3)
ــــــــــــــــــ
(1): محمد
الصغير بعلي،مرجع سابق،ص77-79
(2):محمد عبد الله الديلمي،نظرية
القرار الإداري،دار الثقافة للنشر،الأردن،2001 ،ص89
أما مسائل الإجراءات والشكليات الثانوية التي لا
تؤثر في سلامة القرار موضوعياً والمُقررة لمصلحة الإدارة فلا تُرتب
البطلان، وذلك من باب عدم المبالغة في التمسك بالشكليات.
الفرع
الثاني:الإختصاص
إن توزيع الاختصاصات بين الجهات الإدارية من الأفكار
الأساسية التي يقوم عليها نظام القانون العام ويراعى فيها مصلحة الإدارة
التي تستدعي أن يتم تقسيم العمل حتى يتفرغ كل موظف لأداء المهام المناطة به
على أفضل وجه , كما أن قواعد الاختصاص تحقق مصلحة الأفراد من حيث أنه يسهل
توجه الأفراد إلى أقسام الإدارة المختلفة ويساهم في تحديد المسؤولية
الناتجة عن ممارسة الإدارة لوظيفتها . (1)
ويقصد بالاختصاص القدرة على
مباشرة عمل إداري معين أو تحديد مجموعة الأعمال والتصرفات التي يكون
للإدارة أن تمارسها قانوناً وعلى وجه يعتد به .
والقاعدة أن يتم تحديد
اختصاصات كل عضو إداري بموجب القوانين والأنظمة ولا يجوز تجاوز هذه
الاختصاصات و إلا اعتبر القرار الصادر من هذا العضو باطلاً .
وقواعد
الاختصاص تتعلق بالنظام العام , لذلك لا يجوز لصاحب الاختصاص أن يتفق مع
الأفراد على تعديل تلك القواعد , و إلا فإن القرار الصادر مخالفاً لهذه
القواعد يكون معيباً بعيب عدم الاختصاص القانوني (2)
والقواعد
القانونية المتعلقة بالاختصاص يمكن حصرها بالعناصر الآتية :
* قواعد
الاختصاص من حيث الأشخاص : يشترط لصحة القرار الإداري أن يصدر من الشخص أو
الهيئة المنوط بها إصداره , فلا يملك هذا الشخص أو تلك الجهة نقل اختصاصها
للغير إلا في الأحوال التي يجيزها القانون بناءً على تفويض أو حل قانوني
صحيح و إلا كان القرار الصادر مشوباً بعيب عدم الاختصاص(3)
ــــــــــــ
(1):محمد
الصغير بعلي،مرجع سابق،ص50-51
(2):محمد عبد الله الديلمي،مرجع
سابق، ص93-94
(3):مازن راضي ليلو،مرجع سابق،ص 162
* قواعد الاختصاص من حيث الموضوع : يحدد القانون اختصاصات كل
موظف أو جهة إدارية بموضوعات معينة فإذا تجاوز هذا الموظف أو الإدارة
اختصاصاته تلك فتعدى على اختصاصات جهة أخرى , تحقق عيب عدم الاختصاص ,
ويكون هذا الاعتداء أما من جهة إدارية على اختصاصات جهة إدارية أخرى موازية
أو مساوية لها , أو من جهة إدارية دنياً على اختصاصات جهة إدارية عليا أو
من جهة أخرى إدارية عليا على اختصاصات جهة أدنى منها, أو اعتداء السلطة
المركزية على اختصاصات الهيئات اللامركزية .
* قواعد الاختصاص حيث
المكان : يتم من خلالها تحديد النطاق المكاني الذي يجوز لرجل الإدارة أن
يباشر اختصاصه فيه , فإذا تجاوز هذا النطاق , فإن قراراته كون مشوبة بعيب
عدم الاختصاص , وهذا العيب قليل الحدوث في العمل لأن المشرع كثيراً ما يحدد
وبدقة النطاق المكاني الذي يجوز لرجل الإدارة أن يمارس اختصاصه فيه
وغالباً ما يتقيد الأخير بحدود هذا الاختصاص ولا يتعداه .
* قواعد
الاختصاص من حيث الزمان : وذلك بأن يتم تحديد فترة زمنية معينة يكون لرجل
الإدارة أن يباشر اختصاصه فيها , فإذا أصدر قرار خارج النطاق الزمني المقرر
لممارسته , كما لو أصدر رجل الإدارة قراراً إدارياً قبل صدور قرار تعيينه
أو بعد قبول استقالته أو فصله من الوظيفة أو إحالته على التقاعد .
كذلك
إذا حدد المشرع مدة معينة لممارسته اختصاص معين أو لإصدار قرار محدد فإن
القرار الإداري الصادر بعد انتهاء المدة الزمنية المعينة لإصداره يعد
باطلاً ومعيباً بعدم الاختصاص إذا اشترط المشرع ذلك , فإن لم يفعل فقد درج
القضاء الإداري في فرنسا ومصر على عدم ترتيب البطلان (1)
ومخالفة قواعد
الاختصاص أما أن تكون في صورة إيجابية أو في صورة سلبية , فتكون المخالفة
إيجابية عندما يصدر الموظف أو الجهة الإدارية قراراً من اختصاص موظف آخر أو
جهة إدارية أخرى .
وتكون المخالفة سلبية عندما يرفض الموظف أو الإدارة
إصدار قرار معين ظناً منهما بأن القرار غير داخل في ضمن اختصاصاتهما .
ـــــــــــــــــ
(1):مازن
راضي ليلو،مرجع سابق، ص163-164
المطلب الثاني:الأركان الموضوعية
الفرع
الأول:السبــب
سبب القرار الإداري هو الحالة الواقعية أو القانونية
التي تسبق القرار وتدفع الإدارة لإصداره , فالسبب عنصر خارجي موضوعي يبرر
للإدارة التدخل بإصدار القرار وليس عنصراً نفسياً داخلياً لدى من إصدار
القرار .
فالأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها استناداً إلى
قرينة المشروعية التي تفترض أن قرارات الإدارة تصدر بناءً على سبب مشروع
وعلى صاحب الشأن إثبات العكس, أما إذا أفصحت الإدارة عن هذا السبب من تلقاء
ذاتها فإنه يجب أن يكون صحيحاً وحقيقياً ما لم تكن الإدارة ملزمة بذكر سبب
القرار قانوناً(1) .
وقد استقر القضاء على ضرورة توفر شرطين في سبب
القرار الإداري :
* أن يكون سبب القرار قائماً وموجوداً حتى تاريخ اتخاذ
القرار , ويتفرع من هذا الشرط ضرورتان الأولى أن تكون الحالة الواقعية أو
القانونية موجودة فعلاً وإلا كان القرار الإداري معيباً في سببه , والثاني
يجب أن يستمر وجودها حتى صدور القرار فإذا وجدت الظروف الموضوعية لإصدار
القرار إلا أنها زالت قبل إصداره فإن القرار يكون معيباً في سببه وصدر في
هذه الحالة .
* أن يكون السبب مشروعاً , وتظهر أهمية هذا الشرط في حالة
السلطة المقيدة للإدارة،عندما يحدد المشرع أسباباً معينة يجب أن تستند
إليها الإدارة في لإصدار بعض قراراتها ، فإذا استندت الإدارة في إصدار
قرارها إلى أسباب غير تلك التي حددها المشرع فإن قراراها يكون مستحقاً
للإلغاء لعدم مشروعية السبب(2).
ــــــــــــــ
(1):محمد
الصغير بعلي،مرجع سابق، ص
(2):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص165-166
الفرع
الثاني : المحـل
يقصد بمحل القرار الإداري الأثر الحال والمباشر الذي
يحدثه القرار مباشرة سواء بإنشاء مركز قانوني أو تعديله أو إنهائه .
ويجب
أن يكون محل القرار ممكناً وجائزاً من الناحية القانونية , فإذا كان
القرار معيباً في فحواه أو مضمونه بأن كان الأثر القانوني المترتب على
القرار غير جائز أو مخالف للقانون أياً كان مصدره دستورياً أو تشريعياً أو
لائحياً أو عرفاً أو مبادئ عامة للقانون , ففي هذه الحالات يكون غير مشروع
ويكون القرار بالتالي باطلاً .
ومخالفة القرار للقواعد القانونية تتخذ
صوراً متعددة وهي :
* المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية: وتتحقق هذه
عندما تتجاهل الإدارة القاعدة القانونية وتتصرف كأنها غير موجودة , وقد
تكون هذه المخالفة عمدية , كما قد تكون غير عمدية نتيجة عدم علم الإدارة
بوجود القاعد القانونية بسبب تعاقب التشريعات وعدم مواكبة الإدارة للنافذ
منها .
* الخطأ في تفسير القاعدة القانونية : وتتحقق هذه الحالة عندما
تخطأ الإدارة في تفسير القاعدة القانونية فتعطي معنى غير المعنى الذي قصده
المشرع .
والخطأ في تفسير القاعدة القانونية أما أن يكون غير متعمد من
جانب الإدارة فيقع بسبب غموض القاعدة القانونية وعدم وضوحها , واحتمال
تأويلها إلى معان عدة, وقد يكون متعمداً حين تكون القاعدة القانونية المدعى
بمخالفتها من الوضوح بحيث لا تحتمل الخطأ في التفسير , ولكن الإدارة تتعمد
التفسير الخاطئ فيختلط عيب المحل في هذه الحالة بعيب الغاية .
* الخطأ
في تطبيق القاعدة القانونية : ويحصل هذا الخطأ في حالة مباشرة الإدارة
للسلطة التي منحها القانون إياها , بالنسبة لغير الحالات التي نص عليها
القانون أو دون أن تتوفر الشروط التي حددها القانون لمباشرتها (1).
"
ومثال ذلك أن يصدر الرئيس الإداري جزاءاً تأديبياً بمعاقبة أحد الموظفين
دون أن يرتكب خطأ يجيز هذا الجزاء"(2).
ـــــــــــــــــ
(1):محمد
الصغير بعلي،مرجع سابق،ص81-82
(2):مازن راضي ليلو،مرجع سابق، ص 168
الفرع الثالث: الغاية
يقصد
بالغاية من القرار الإداري الهدف الذي يسعى هذا القرار إلى تحقيقه والغاية
عنصر نفسي داخلي لدى مصدر القرار ، فالهدف من إصدار قرار بتعيين موظف هو
لتحقيق استمرار سير العمل في المرفق الذي تم تعيينه فيه والهدف من لإصدار
قرارات الضبط الإداري هو حماية النظام العام.
وغاية القرارات الإدارية
كافة تتمثل في تحقيق المصلحة العامة للمجتمع،فإذا انحرفت الإدارة في
استعمال سلطتها هذه بإصدار قرار لتحقيق أهداف تتعارض مع المصلحة العامة فإن
قراراها يكون مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، ويعد هذا
العيب من أسباب الطعن بالإلغاء التي ترد على القرار الإداري (1).
والأصل
أن كل قرار إداري يستهدف تحقيق المصلحة العامة، ويفترض فيه ذلك وعلى من
يدعي خلاف ذلك الإثبات وعيب الانحراف بالسلطة أو الغاية عيب قصدي أو عمدي
يتعلق بنية مصدر القرار الذي يجب أن يكون سيء النية يعلم أنه يسعى إلى غاية
بعيدة عن المصلحة العامة أو غير تلك التي حددها القانون .
ولأن هذا
العيب يتصل بالبواعث النفسية الخفية لجهة الإدارة ، وإثباته يتطلب أن يبحث
القضاء في وجود هذه البواعث وهو أمر بعيد المنال , فقد أضفى القضاء على هذا
العيب الصفة الاحتياطية فلا يبحث في وجوده طالما أن هناك عيب آخر شاب
القرار الإداري، مثل عدم الاختصاص أو عيب الشكل أو مخالفة القانون (2).
ويمكن
تحديد الغاية من القرار الإداري وفقاً لثلاثة اعتبارات
* استهداف
المصلحة العامة : السلطة التي تتمتع بها الإدارة ليست غاية في ذاتها إنما
هي وسيلة لتحقيق الغاية المتمثلة بالمصلحة العامة , فإذا حادت الإدارة عن
هذا الهدف لتحقيق مصالح شخصية لا تمت للمصلحة العامة بصلة كمحاباة الغير أو
تحقيق غرض سياسي أو استخدام السلطة بقصد الانتقام فإن قراراتها تكون معيبة
وقابلة للإلغاء (3).
ــــــــــــــ
(1):محمد الصغير
بعلي،مرجع سابق، ص84-85
(2):مازن راضي ليلو،مرجع سابق،ص 169-170
* احترم قاعدة تخصيص
الأهداف : على الرغم من أن الإدارة تستهدف تحقيق المصلحة العامة دائماً فقد
يحدد المشرع للإدارة هدفاً خاصاً يجب أن تسعى قراراها لتحقيقه وإذا ما
خالفت هذا الهدف فإن قراراتها يكون معيباً بإساءة استعمال السلطة ولو تذرعت
الإدارة بأنها قد قصدت تحقيق المصلحة العامة , وهذا ما يعرف بمبدأ تخصيص
الأهداف ومثال ذلك قرارات الضبط الإداري التي حدد لها القانون أهدافاً
ثلاثة لا يجوز للإدارة مخالفتها وهي المحافظة على الأمن العام و السكينة
العامة والصحة العامة , فإذا خالفت الإدارة هذه الأهداف في قرارات الضبط
الإداري فإن قرارها هذا يكون معيباً وجديراً بالإلغاء(1).
*احترام
الإجراءات المقررة : يتعين على الإدارة احترام الإجراءات التي بينها
القانون لتحقيق الهدف الذي تسعى إليه , فإذا انحرفت الإدارة في الإجراءات
الإدارية اللازمة لإصدار قرار معين بإجراءات أخرى لتحقيق الهدف الذي تسعي
إليه فإن تصرفها هذا يكون مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة في صورة
الانحراف بالإجراءات .
وتلجأ الإدارة إلى هذا الأسلوب أما لأنها تعتقد
أن الإجراء الذي اتبعته لا يؤدي لتحقيق أهدافها أو أنها سعت إلى التهرب من
الإجراءات المطولة أو الشكليات المعقدة , ومثال ذلك أن تلجأ الإدارة إلى
الاستيلاء المؤقت على العقارات بدلاً من سيرها في طريق إجراءات نزع الملكية
للمنفعة العامة تفادياً لطول إجراءات نزع الملكية , أو أن تقرر الإدارة
ندب موظف وهي تستهدف في الحقيقة معاقبته فتلجأ إلى قرار الندب لتجريده من
ضمانات التأديب (1)
خاتمة:
وكخاتمة لهدا الموضوع
نقول أن قوة الدولة وصلابتها لا تكمن في مدى قوة ونجاعة ترسانتها الحربية
فحسب بل في قوة إدارتها العامة وحسن تنظيمها،والقرار الإداري هو وسيلة
إيجابية في يد السلطة الإدارية في مواجهة الغير وهدا دون الحصول على
موافقتهم لكن كل هدا يجب أن يتم دون الخروج عن نطما يحدده القانون وعدم
استعمال هده الإمتيازات(امتيازات السلطة العامة)من أجل تحقيق أهداف غير
مشروعة وحتى لا يكون القرار نقمة على الأفراد وأداة تعسفية في يد الإدارة
لمواجهة الغير بها.
ـــــــــــــــــــــ
(1):مازن
راضي ليلو،مرجع سابق، ص171
قائمة
المراجع:
1 -مازن راضي ليلو،الوجيز في القانون الإداري،الطبعة
الخامسة،دار المطبوعات،مصر،2004.
2-محمد الصغير بعلي،القرارات
الإدارية،دار العلوم للنشر،الجزائر،2005.
3-محمد عبد الله
الديلمي،تحول القرار الإداري،دار الثقافة للنشر،الأردن،2001
4-سليمان
محمد الطماوي،الوجيز في القانون الإداري ،دار الفكر العربي
للنشر،مصر،1996.
5-عمار عوابدي،نظرية القرار الإداري،دار
هومة،الجزائر،2003