تعليم ، دروس ، تمارين ، حلول ، كتب ، أكواد ، طبخ ، أخبار ، توظيف
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
style

شاطر
 

 الجزء الاول أصول في التفسير

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
نجم الجزائر
المدير العام
المدير العام
نجم الجزائر

البلد : الجزائر
الجنس ذكر
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 12/01/1994
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 10301
السٌّمعَة السٌّمعَة : 569
الإنتساب الإنتساب : 15/08/2011

الجزء الاول أصول في التفسير Empty
مُساهمةموضوع: الجزء الاول أصول في التفسير   الجزء الاول أصول في التفسير Empty24/7/2012, 1:25 pm

أصول في التفسير



المقدمة

الحمد لله ، نحمده
ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله
عليه وسلم ، وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً ، أما بعد :

فإن من المهم في كل فن أن يتعلم المرء من أصوله ما يكون عونا له
على فهمه وتخريجه على تلك الأصول ، ليكون علمه مبنياً على أسس قوية ودعائم
راسخة ً، وقد قيل : من حٌرِم الأصول حرم الوصول .

ومن أجل
فنون العلم ، بل هو أجلها وأشرفها ، علم التفسير الذي هو تبيين معاني كلام
الله عز وجل وقد وضع أهل العلم له أصولاً ، كما وضعوا لعلم الحديث أصولاً ،
ولعلم الفقه أصولاً .

وقد كنت كتبت من هذا العلم ما تيسر
لطلاب المعاهد العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، فطلب مني
بعض الناس أن أفردها في رسالة ، ليكون ذلك أيسر وأجمع فأجبته إلى ذلك .

وأسأل الله تعالى أن ينفع بها .

ويتلخص ذلك فيما يأتي :

* القرآن الكريم :

1- متى نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن نزل به عليه من الملائكة ؟

2- أول ما نزل من القرآن .

3- نزول القرآن على نوعين : سببي وابتدائي .

4- القرآن مكي ومدني ، وبيان الحكمة من نزوله مفرقاً . وترتيب القرآن .

5- كتابة القرآن وحفظه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .

6-جمع القرآن في عهد أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما .

التفسير :

1-معنى التفسير لغة واصطلاحاً ، وبيان حكمه ، والغرض منه .

2- الواجب على المسلم في تفسير القرآن .

3- المرجع في التفسير إلى ما يأتي :

أ-كلام الله تعالى بحيث يفسر القرآن بالقرآن .

ب- سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه مبلّغ عن الله تعالى ، وهو أعلم الناس بمراد الله تعالى في كتاب الله .

ج. كلام الصحابة رضي الله عنهم لا سيما ذوو العلم منهم والعناية بالتفسير ، لأن القرآن نزل بلغتهم وفي عصرهم .

د. كلام كبار التابعين الذين اعتنوا بأخذ التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم .

هـ
. ما تقتضيه الكلمات من المعاني الشرعية أو اللغوية حسب السياق ، فإن
اختلف الشرعي واللغوي ، أخذ بالمعنى الشرعي إلا بدليل يرجح اللغوي .

4- أنواع الاختلاف الوارد في التفسير المأثور .

5- ترجمة القرآن : تعريفها – أنواعها – حكم كل نوع .

*- خمس تراجم مختصرة للمشهورين بالتفسير ثلاث للصحابة واثنتان للتابعين .

* أقسام القرآن من حيث الإحكام والتشابه .

موقف الراسخين في العلم ، والزائغين من المتشابه .

التشابه : حقيقي ونسبي.

الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه .

*- موهم التعارض من القرآن والجواب عنه وأمثلة من ذلك .

الْقَسَم :

تعريفه – أداته- فائدته

* القصص :

تعريفها – الغرض منها – الحكمة من تكرارها واختلافها في الطول والقصر والأسلوب .

* الإسرائيليات التي أقحمت في التفسير وموقف العلماء منها .

* الضمير :

تعريفه – مرجعه – الإظهار في موضع الإضمار وفائدته – الالتفات وفائدته – ضمير الفصل وفائدته.



القرآن الكريم

القرآن في اللغة : مصدر قرأ بمعني تلا ، أو بمعني جمع ، تقول قرأ
قرءاً وقرآناً، كما تقول : غفر غَفْراً وغٌفرانا ً ، فعلى المعني الأول (
تلا ) يكون مصدراً بمعني اسم المفعول ؛ أي بمعني متلوّ، وعلى المعني
الثاني: ( جَمَعَ) يكون مصدراً بمعني اسم الفاعل ؛ أي بمعني جامع لجمعه
الأخبار والأحكام (1) .

والقرآن في الشرع : كلام الله تعالى
المنزل على رسوله وخاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم ، المبدوء بسورة
الفاتحة ، المختوم بسورة الناس . قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا
عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) (الانسان:23) وقال : (إِنَّا
أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف:2) .
وقد حمى الله تعالى هذا القرآن العظيم من التغيير والزيادة والنقص
والتبديل ، حيث تكفل عز وجل بحفظه فقال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا
الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ولذلك مضت القرون الكثيرة
ولم يحاول أحد من أعدائه أن يغير فيه ، أو يزيد ، أو ينقص ، أو يبدل ، إلا
هتك الله ستره ، وفضح أمره .

وقد وصفه الله تعالى بأوصاف كثيرة ، تدل على عظمته وبركته وتأثيره وشموله ، وأنه حاكم على ما قبله من الكتب .

قال الله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي
وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر:87). ( وَالْقُرْآنِ
الْمَجِيدِ)(ق: الآية 1) . وقال تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ
مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)
(ص:29) (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأنعام:155) (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ)
(الواقعة:77) (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ )
(الإسراء : الآية 9) .

وقال تعالى : (لَوْ أَنْزَلْنَا
هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ
خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر:21) (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ
مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ
وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُون(125) (التوبة: 124-125) ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ
هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)(الأنعام: الآية 19)
(فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً)
(الفرقان:52). وقال تعالى : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً
لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)(النحل:
الآية 89) (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا
بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ
بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ )(المائدة: الآية 48) .


والقرآن الكريم مصدر الشريعة الإسلامية التي بعث بها محمد صلى الله عليه
وسلم إلى كافة الناس ، قال الله تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ
الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً)
(الفرقان:1) (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ
الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ
الْحَمِيدِ(1)اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيد(2ٍ) (ابراهيم: 1-2)
.

وسنة النبي صلى الله عليه وسلم مصدر تشريع أيضاً كما
قرره القرآن ، قال الله تعالى:(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ
اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)
(النساء:80) (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً
مُبِيناً)(الأحزاب:الآية 36)(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا
نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(الحشر:الآية 7) (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ
تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌرَحِيمٌ) (آل عمران:31)


1- نزول القرآن



نزل القرآن أول ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة
القدر في رمضان، قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ) (القدر:1) (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ
إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ(3)فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ(4)
(الدخان:3-4) . (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً
لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(البقرة: الآية 185)
.

وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل عليه أربعين سنة
على المشهور عند أهل العلم ، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعطاء
وسعيد بن المسيِّب وغيرهم . وهذه السِّن هي التي يكون بها بلوغ الرشد وكمال
العقل وتمام الإدراك .

والذي نزل بالقرآن من عند الله تعالى إلى
النبي صلى الله عليه وسلم ، جبريل أحد الملائكة المقربين الكرام ، قال الله
تعالى عن القرآن: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192)
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ
الْمُنْذِرِينَ(194)بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195) (الشعراء:192- 195) .

وقد
كان لجبريل عليه السلام من الصفات الحميدة العظيمة ، من الكرم والقوة
والقرب من الله تعالى والمكانة والاحترام بين الملائكة والأمانة والحسن
والطهارة ؛ ما جعله أهلاً لأن يكون رسول الله تعالى بوحيه إلى رسله قال
الله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ "(19)ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ
ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين(21ٍ) (التكوير:19- 21) .
وقال : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى(5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى(6)وَهُوَ
بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى(7) (لنجم:5-7) .

وقال : (قُلْ نَزَّلَهُ
رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا
وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:102) وقد بين الله تعالى لنا
أوصاف جبريل الذي نزل بالقرآن من عنده وتدل على عظم القرآن وعنايته تعالى
فإنه لا يرسل من كان عظيما إلا بالأمور العظيمة.



2- أول ما نزل من القرآن



أول
ما نزل من القرآن على وجه الإطلاق قطعا ً الآيات الخمس الأولي من سورة
العلق، وهي قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1)
خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ(3)
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4) عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)
(العلق:1- 5) . ثم فتر الوحي مدة ، ثم نزلت الآيات الخمس الأولى من سورة
المدثر ، وهي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر (1) قُمْ
فَأَنْذِرْ(2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(4)
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5) (المدثر:1-5) . ففي ((الصحيحين)) : صحيح البخاري
ومسلم (2) . عن عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي قالت : حتى جاءه الحق ٌّ ،
وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال اقرأ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
ما أنا بقارئ ( يعني لست أعرف القراءة ) فذكر الحديث ، وفيه ثم
قال:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق(1)َ) إلى قوله:(عَلَّمَ
الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)) (العلق:1- 5). وفيهما(3) عن جابر رضي
الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث عن فترة الوحي : (
بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء .... ) فذكر الحديث ، وفيه ، فأنزل
الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر (1) قُمْ فَأَنْذِرْ(2) إلى (
وَالرُّجْزَ فَاهْجُر(5ْ) (المدثر:1-5) .

وثمت آيات يقال فيها : أول
ما نزل، والمراد أول ما نزل باعتبار شيء معين ، فتكون أولية مقيدة مثل :
حديث جابر رضي الله عنه في ((الصحيحين ))(4) . إن أبا سلمة بن عبد الرحمن
سأله: أي القرآن أنزل أول؟ قال جابر:(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ)
(المدثر:1) قال أبو سلمة : أنبئت أنه

(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ
الَّذِي خَلَقَ) (العلق:1) فقال جابر : لا أخبرك إلا بما قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاورت في حراء
فلما قضيت جواري هبطت ...) فذكر الحديث وفيه : ( فأتيت خديجة فقلت : دثروني
، وصبوا علي ماء بارداً ، وأنزل علي : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ)
(المدثر:1) إلى قوله :(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:1-5) ).

فهذه
الأولية التي ذكرها جابر رضي الله عنه باعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحي ،
أو أول ما نزل في شأن الرسالة ؛ لأن ما نزل من سورة اقرأ ثبتت به نبوة
النبي صلى الله عليه وسلم ، وما نزل من سورة المدثر ثبتت به الرسالة في
قوله ( قُمْ فَأَنْذِرْ) (المدثر:2)

ولهذا قال أهل العلم : إن النبي صلى الله عليه وسلم نبئ ب(اقْرَأْ) (العلق:1) وأرسل ب الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1)
3- نزول القرآن ابتدائي وسببي

ينقسم نزول القران إلى قسمين :

الأول
: ابتدائي : وهو ما لم يتقدم نزوله سبب يقتضيه ، وهو غالب آيات القران،
ومنه قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ
فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (التوبة:75)

الآيات
فإنها نزلت ابتداء في بيان حال بعض المنافقين ، وأما ما اشتهر من أنها
نزلت في ثعلبة ابن حاطب في قصة طويلة ، ذكرها كثير من المفسرين ، وروجها
كثير من الوعاظ ، فضعيف لا صحة له .(5) .

القسم الثاني : سببي : وهو ما تقدم نزوله سبب يقتضيه . والسبب :

أ‌-
إما سؤال يجيب الله عنه مثل (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ
هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) (البقرة: الآية 189) .

ب‌-
أو حادثة وقعت تحتاج إلى بيان وتحذير مثل : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ
لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ)(التوبة: الآية 65)
الآيتين نزلتا في رجل من المنافقين قال في غزوة تبوك في مجلس : ما رأينا
مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ، ولا أكذب ألسنا ، ولا أجبن عند اللقاء ،
يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله
عليه وسلم ونزل القرآن فجاء الرجل يعتذر النبي صلى الله عليه وسلم فيجيبه (
أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ)(التوبة:
الآية 65) (6).

ج- أو فعل واقع يحتاج إلى معرفة حكمه مثل :(قَدْ
سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي
إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
بَصِيرٌ) (المجادلة:1)



فوائد معرفة أسباب النزول :

معرفة أسباب النزول مهمة جدا ، لأنها تؤدي إلى فوائد كثيرة منها :

1-
بيان أن القران نزل من الله تعالى ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم
يسأل عن الشيء ، فيتوقف عن الجواب أحيانا ، حتى ينزل عليه الوحي ، أو يخفى
الأمر الواقع، فينزل الوحي مبينا له . مثال الأول : قوله تعالى :
(وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا
أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً) (الإسراء :85) . ففي صحيح
البخاري "(7) عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : أن رجلا من اليهود قال :
يا أبا القاسم ما الروح ؟ فسكت ، وفي لفظ : فأمسك النبي صلى الله عليه
وسلم ، فلم يرد عليهم شيئا ، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي ، فلما نزل
الوحي قال (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ
رَبِّي) (الإسراء :85) الآية مثال الثاني قوله تعالى (يَقُولُونَ لَئِنْ
رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا
الْأَذَلّ)(المنافقون: الآية وفي صحيح البخاري (8) أن زيد ابن أرقم رضي
الله عنه سمع عبد الله ابن أبى رأس المنافقين يقول ذلك ، يريد أنه الأعز
ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأذل ، فأخبر زيد عمه بذلك ، فأخبر
به النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم زيدا فأخبره
بما سمع ثم أرسل إلى عبد الله ابن أبي وأصحابه ، فحلفوا ما قالوا ، فصدقهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تصديق زيد في هذه الآية ؛
فاستبان الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

2- بيان عناية الله
تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم في الدفاع عنه مثال ذلك قوله تعالى :
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً
وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً)
(الفرقان:32) وكذلك آيات الإفك ؛ فإنها دفاع عن فراش النبي صلى الله عليه
وسلم وتطهير له عمّا دنسه به الأفاكون .

3- بيان عناية الله تعالى
بعباده في تفريج كرباتهم وإزالة غمومهم . مثال ذلك آية التيمم ، ففي " صحيح
البخاري " (9) أنه ضاع عقد لعائشة رضي الله عنها ، وهي مع النبي صلى الله
عليه وسلم في بعض أسفاره فأقام النبي صلى الله عليه وسلم لطلبه ، وأقام
الناس على غير ماء ، فشكوا ذلك إلى أبي بكر ، فذكر الحديث وفيه : فأنزل
الله أية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن حضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي
بكر . والحديث في البخاري مطولاً .

4- فهم الآية على الوجه الصحيح
. مثال ذلك قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ
اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ
يَطَّوَّفَ بِهِمَا)(البقرة: الآية 158) أي يسعى بينهما ، فإن ظاهر قوله :
(فَلا جُنَاحَ عَلَيْه)ِ (البقرة: الآية 158 ) أن غاية أمر السعي بينهما ،
أن يكون من قسم المباح ، وفي صحيح البخاري " (10) عن عاصم بن سليمان قال :
سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن الصفا والمروة ، قال : كنا نرى أنهما من
أمر الجاهلية ، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما ، فأنزل الله تعالى : (
إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ (البقرة: الآية 158)
إلى قوله : (أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) (البقرة: الآية 158) وبهذا عرف أن
نفي الجناح ليس المراد به بيان أصل حكم السعي ، وإنما المراد نفي تحرجهم
بإمساكهم عنه ، حيث كانوا يرون أنهما من أمر الجاهلية ، أما أصل حكم السعي
فقد تبين بقوله:(مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )(البقرة:الآية 158)



عموم اللفظ وخصوص السبب :

إذا
نزلت الآية لسبب خاص ، ولفظها عام كان حكمها شاملا لسببها ، ولكل ما
يتناوله لفظها ، لأن القران نزل تشريعا عاما لجميع الأمة فكانت العبرة
بعموم لفظه لا بخصوص سببه .

مثال ذلك : آيات اللعان ، وهي قوله
تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ
شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) إلى قوله ( إِنْ كَانَ مِنَ
الصَّادِقِينَ)(النور: 6- الآية 9) ففي صحيح البخاري " (11)من حديث ابن
عباس رضي الله عنهما : أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه
وسلم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البينة أو حد في
ظهرك ، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق فلينزلن الله ما يبرء ظهري
من الحد ، فنزل جبريل ، وأنزل عليه : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
أَزْوَاجَهُمْ)(النور: الآية6) فقرأ حتى بلغ (إِنْ كَانَ مِنَ
الصَّادِقِينَ)(النور: الآية9)

فهذه الآيات نزلت بسبب قذف هلال بن
أمية لامرأته ، لكن حكمها شامل له ولغيره ، بدليل ما رواه البخاري من حديث
سهل بن سعد رضي الله عنه ، أن عويمر العجلاني جاء إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال : يا رسول الله ، رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم
كيف يصنع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد أنزل الله القرآن فيك وفي
صاحبتك . فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنه بما سمى الله في
كتابه ، فلاعنها . الحديث (12) .

فجعل البني صلى الله عليه وسلم حكم هذه الآيات شاملا لهلال بن أمية وغيره .



المكي والمدني



نزل
القران على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا في خلال ثلاث وعشرين سنة ،
قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرها بمكة ، قال الله تعالى
(وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ
وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء :106) ولذلك قسم العلماء رحمهم الله
تعالى القرآن إلى قسمين : مكي ومدني :

فالمكي : ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته إلى المدينة .

والمدني : ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة .

وعلى
هذا فقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة: الآية 3)
من القسم المدني وإن كانت قد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة
الوداع بعرفة ، ففي صحيح البخاري (13)عن عمر رضي الله عنه أنه قال : قد
عرفنا ذلك اليوم ، والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ،
نزلت وهو قائم بعرفة يوم جمعة .

ويتميز القسم المكي عن المدني من حيث الأسلوب والموضوع :

أ- أما من حيث الأسلوب فهو :

1-
الغالب في المكي قوة الأسلوب ، وشدة الخطاب، لأن غالب المخاطبين معرضون
مستكبرون ، ولا يليق بهم إلا ذلك ، أقرأ سورتي المدثر ، والقمر .

أما المدني : فالغالب في أسلوبه البين ، وسهولة الخطاب ، لأن غالب المخاطبين مقبلون منقادون ، أقرا سورة المائدة .

2- الغالب في المكي قصر الآيات، وقوة المحاجة ، لأن غالب المخاطبين معاندون مشاقون ، فخوطبوا بما تقتضيه حالهم ، أقرا سورة الطور .

أما المدني : فالغالب فيه طول الآيات ، وذكر الأحكام ، مرسلة بدون محاجة ، لأن حالهم تقتضي ذلك ، أقرأ آية الدين في سورة البقرة .

ب- وأما من حيث الموضوع فهو :

1-
الغالب في المكي تقرير التوحيد والعقيدة السليمة ، خصوصا ما يتعلق بتوحيد
الألوهية والإيمان بالبعث ، لأن غالب المخاطبين ينكرون ذلك .

أما
المدني : فالغالب فيه تفصيل العبادات والمعاملات ، لأن المخاطبين قد تقرر
في نفوسهم التوحيد والعقيدة السليمة ، فهم في حاجة لتفصيل العبادات
والمعاملات.

2- الإفاضة في ذكر الجهاد وأحكامه والمنافقين وأحوالهم
في القسم المدني لاقتضاء الحال ، ذلك حيث شرع الجهاد ، وظهر النفاق بخلاف
القسم المكي .

فوائد معرفة المدني والمكي :

معرفة المكي والمدني نوع من أنواع علوم القرآن المهمة ، وذلك لأن فيها فوائد منها :

1- ظهور بلاغة القران في أعلى مراتبها ، حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة ، أو لين وسهولة .

2- ظهور حكمة التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئا بحسب الأهم على ما تقتضيه حال المخاطبين واستعدادهم للقبول والتنفيذ .

3-
تربية الدعاة إلى الله تعالى ، وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القران في
الأسلوب والموضوع ، من حيث المخاطبين ، بحيث يبدأ بالأهم فالأهم ، وتستعمل
الشدة في موضعها والسهولة في موضعها .

4- تمييز الناسخ من المنسوخ
فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية ، يتحقق فيهما شروط النسخ ، فإن المدنية
ناسخة للمكية ، لتأخر المدنية عنها .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sitealgerie.yoo7.com/
 

الجزء الاول أصول في التفسير

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» ج 2 أصول في التفسير
» روايات بلاسبانية الجزء الاول
» جمهرة اللغه ... باب الخاء ... الجزء الاول
»  قرص اللبيب للرياضيات سنة رابعة متوسط الجزء الاول
»  كتاب و مرجع التكنولوجيا - الجزء الاول - ( Bac ) السنة 3 ثانوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نجم الجزائر :: إسلاميات :: القسم الاسلامي العام :: القرآن الكريم-