..فائدةٌ :..
..اعلم أن أئمةَ الحديث المتقدمين لا يُطْلِقون على إسنادٍ ما أنه صحيحٌ إلا إذا ترجَّح لديهم أن المتنَ محفوظٌ . فإن
كان غير محفوظٍ لم يَصِفوا السَّند بالصِّحة ؛ لأنهم إنْ لمحوا في المتنِ
نكارةً ، بحثوا عن خللٍ ظاهرٍ في السند ، فإن لم يجدوا خللاً ظاهراً في
السند ؛ أعلُّوهُ بعلةٍ خفيَّةٍ ، وإن لم تكنْ قادحةٍ في نَفْسِها ...

..وهذا يعني عندهم أنه : ما مِنْ خللٍ في المتنِ إلا ومِنْ ورائِهِ خَلَلٌ في السَّند ؛ ذلك لأنَّ الخلل الذي في المتْنِ نَتَجَ عن خطأٍ مُخْطئٍ ؛ وهو أحد رواة الحديث ولا بُدَّ ، وإن كانوا كُلُّهم ثِقاتٍ ! فلا بُدَّ مِنْ إلصاقِ تَبِعَةِ الخطإِ بأحدهم ، ويكونُ هذا الثِّقة الذي أخطأَ في هذا الحديث بعينهِ ؛ ليسَ ثقةً في هذا الحديث ! وبذلك لايكون إسنادُ الحديث صحيحاً أو محفوظاً ...

..ولِذا لمَّا فرَّقَ الإمامُ ابن الصلاح رحمه الله في ( مقدمته ) الشهيرة ، بين قولهم : (( حديثٌ صحيحٌ ) و (( إسنادٌ صحيحٌ )) ـ بأن الثاني لا يلزم منه أن يكون المتن عندهم صحيحاً ؛ لا حتمال أن يكون في المتن شذوذٌ أو نَكارةٌ ـ ؛ تعقبه الحافظ ابن حجر رحمه الله بما يدلُّ على أن هذا التفريق ( بين السند والمتن ) لا يجري إلا على مذهب المتأخرين من الحديث ، أما المُتقدِّمون ؛ فحكى عنهم خُلاصة ما ذكرناه في رأسِ الفائدة ...